[ 275 ] وعلى هذا يتضح جليا ان حمل اليقين على إرادة المتيقن على وجه يكون الاسناد اللفظي إلى المتيقن بنحو المجاز في الكلمة أو بنحو حذف المضاف خلاف الظاهر منها بل خلاف سياقها بل مستهجن جدا فيتأيد ما قاله المعترض ولذا استبعد شيخنا المحقق النائيني ان يريد الشيخ الاعظم من المجاز المجاز في الكلمة، وهو استبعاد في محله وأبعد منه ارادة حذف المضاف. (ثانيا) - انه من المسلم به عند الجميع الذي لا شك فيه ايضا ان النهي عن نقض اليقين في الاخبار ليس على حقيقته. والسر واضح، لان اليقين حسن الفرض منتقض فعلا بالشك فلا يقع تحت اختيار المكلف فلا يصح النهي عنه. وحينئذ، فلا معنى للنهي عنه إلا ان يراد به عدم الاعتناء بالشك عملا والبناء عليه كأنه لم يكن، لغرض ترتيب احكام اليقين عند الشك، ولكن لا يصح ان يقصد احكام اليقين من جهة انه صفة من الصفات لارتفاع احكامه بارتفاعه قطعا، فلم يكن رفع اليد عن الحكم عملا نقضا له بالشك بل باليقين لزوال موضوع الحكم قطعا. وعليه، فالمراد من الاحكام الاحكام الثابتة للمتيقن بواسطة اليقين به، فهو تعبير آخر عن الامر بالعمل بالحالة السابقة في الوقت اللاحق. بمعنى وجوب العمل في مقام الشك بمثل العمل في مقام اليقين كأن الشك لم يكن، فكأنه قال: اعمل في حال شكك كما كنت تعمل في حال يقينك ولا تعتني بالشك. إذا عرفت ذلك فيبقى ان نعرف على أي وجه يصح أن يكون التعبير بحرمة نقض اليقين تعبيرا عن ذلك المعنى، فان ذلك لا يخلو بحسب التصور عن أحد أمور اربعة: 1 - ان يكون المراد من اليقين المتيقن على نحو المجاز في الكلمة. 2 - ان يكون النقض أيضا متعلقا في لسان الدليل بنفس المتيقن ولكن على حذف المضاف. 3 - ان يكون النقض المنهي عنه مسندا إلى اليقين على نحو المجاز في الاسناد ويكون في الحقيقة مسندا إلى نفس المتيقن، والمصحح لذلك اتحاد اليقين والمتيقن أو كون اليقين آلة وطريقا إلى المتيقن. ________________________________________