[ 253 ] العقلاء لم يثبت الا فيما إذا كان الشك في الرافع، اما إذا كان الشك في المقتضى فلم يثبت منهم هذا البناء (على ما سيأتي من معنى المقتضى والرافع اللذين يقصدهما الشيخ الانصاري). فيكون بناء العقلاء هذا دليلا على التفصيل المختار له وهو القول التاسع. ولا يبعد صحة ما أفاده من التفصيل في بناء العقلاء، بل يكفي احتمال اختصاص بنائهم بالشك في الرافع. ومع الاحتمال يبطل الاستدلال كما سبق. واما (المقدمة الثانية)، فقد ناقش فيها شيخنا الآخند في الكفاية بوجهين نذكرهما ونذكر الجواب عنهما: (اولا) - ان بناء العقلاء لا يستكشف منه اعتبار الاستصحاب عند الشارع الا إذا احرزنا ان منشأ بنائهم العملي هو التعبد بالحالة السابقة من قبلهم، أي أنهم يأخذون بالحالة السابقة من أجل انها سابقة، لنستكشف منه تعبد الشارع. ولكن ليس هذا بمحرز منهم إذا لم يكن مقطوع العدم، فانه من الجائز قريبا ان أخذهم بالحالة السابقة لا لاجل انها حالة سابقة بل لاجل رجاء تحصيل الواقع مرة، أو لاجل الاحتياط اخرى، أو لاجل اطمئنانهم ببقاء ما كان ثالثة، أو لاجل ظنهم بالبقاء ولو نوعا رابعة، أو لاجل غفلتهم عن الشك أحيانا خامسة. وإذا كان الامر كذلك فلم يحرز تعبد الشارع بالحالة السابقة الذي هو النافع في المقصود. والجواب: ان المقصود النافع من ثبوت بناء العقلاء هو ثبوت تبانيهم العملي على الاخذ بالحالة السابقة، وهذا ثابت عندهم من غير شك، أي ان لهم قاعدة عملية تبانوا عليها ويتبعونها ابدا مع الالتفات والتوجه إلى ذلك، أما فرض الغفلة من بعضهم أحيانا فهو صحيح ولكن لا يضر في ثبوت التباني منهم دائما مع الالتفات. ولا يضر في استكشاف مشاركة الشارع معهم في تبانيهم اختلاف اسباب التباني عندهم من جهة مجرد الكون السابق أو من جهة الاطمئنان عندهم أو الظن لاجل الغلبة أو لاي شئ آخر من هذا القبيل، فهي قاعدة ثابتة عندهم فتكون ثابتة ايضا عند الشارع ولا يلزم ان يكون ثبوتها عنده من جميع الاسباب التي لاحظوها. وإذا ثبتت عند الشارع فليس ثبوتها عنده الا التعبد بها من قبله فتكون حجة على المكلف وله. نعم احتمال كون السبب في بنائهم ولو احيانا رجاء تحصيل الواقع أو ________________________________________