[ 248 ] وإذا ثبت صحة توصيف نفس قاعدة الاستصحاب بالحجة بالمعنى اللغوي لم تبق حاجة إلى التأويل لتصحيح توصيف الاستصحاب بالحجة - كما صنع بعض مشايخنا طيب الله ثراه - إذ جعل الموصوف بالحجة فيه على اختلاف المباني احد أمور ثلاثة: 1 - (اليقين السابق)، باعتبار انه يكون منجزا للحكم حدوثا عقلا والحكم بقاء بجعل الشارع. 2 - (الظن بالبقاء اللاحق)، بناء على اعتبار الاستصحاب من باب حكم العقل. 3 - (مجرد الكون السابق) فان الوجود السابق يكون حجة في نظر العقلاء على الوجود الظاهري في اللاحق، لا من جهة وثاقة اليقين السابق، ولا من جهة رعاية الظن بالبقاء اللاحق، بل من جهة الاهتمام بالمقتضيات والتحفظ على الاغراض الواقعية. فان كل هذه التأويلات انما نلتجئ إليها إذا عجزنا عن تصحيح توصيف نفس الاستصحاب بالحجة، وقد عرفت صحة توصيفه بالحجة بمعناها اللغوي. ثم لا شك في ان الموصوف بالحجة في لسان الاصوليين نفس الاستصحاب، لا اليقين المقوم لتحققه، ولا الظن بالبقاء، ولا مجرد الكون السابق، وان كان ذلك كله مما يصح توصيفه بالحجة. هل الاستصحاب أمارة أو أصل ؟ بعد ان تقدم انه لا يصح توصيف قاعدة العمل للشاك - اية قاعدة كانت - بالحجة في باب الامارات يتضح لك انه لا يصح توصيفها بالامارة فانه تكون امارة على أي شئ وعلى أي حكم. ولا فرق في ذلك بين قاعدة الاستصحاب وبين غيرها من الاصول العملية والقواعد الفقهية. إذ ان قاعدة الاستصحاب في الحقيقة مضمونها حكم عام وأصل عملي يرجع إليها المكلف عند الشك والحيرة ببقاء ما كان. ولا يفرق في ذلك بين ان يكون الدليل عليها الاخبار أو غيرها من الادلة كبناء العقلاء، وحكم العقل، والاجماع. ولكن الشيخ الانصاري أعلى الله مقامه فرق في الاستصحاب بين ان ________________________________________