[ 1 ] هداية المسترشدين الشيخ محمد تقي ________________________________________ هذا كتاب هداية المسترشدين في شرح معالم الدين تصنيف افخر العلماء المدققين واكمل الفضلاء المحققين العالم الصفى والفاضل النقى والزاهد الوافى الشيخ محمد تقى رحمة الله عليه بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على اشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وعترته الابناء الاكرمين قوله الفقه في اللغة الفهم كما نص عليه الجوهرى وغيره قال الله تعالى ولكن لا تفقهون تسبيحهم وخضه بعضهم بفهم غرض المتكلم من كلامه واخر بفهم الاشياء الدقيقة وفى مفردات الراغب انه التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد و الفهم مطلق الادراك ولذا فسره الجوهرى بالعلم وقيل هو جودة الذهن من حيث استعداده لاكتساب المطالب وسرعة انتقاله من المبادى إلى المقاصد والظاهر بثوت الاطلاقين وكان الاول هو الاصل في معناه والثانى ماخوذ منه وكيف كان فالظاهر منه هو الاول إذا طلاق الفقه على الثاني بعيد جدا وعلى فرضه فالظاهر انه مجاز فيه كما لا يخفى قوله وفى الاصطلاح الظاهر ان ذلك من مصطلحات الفقهاء وليس معنى شرعيا ليكون حقيقة شرعية فيه بناء على القول بثبوتها نعم قد اطلق التفقه في الدين على معرفة احكام الشرع في الاية (وهى قوله تعالى ولولا نفر من كل فرقة الاية) الشريفة وكذا في الاخبار المأثورة والظاهر ان المراد به مجرد العلم بالاحكام فاستعماله في الاية فيما عدا المعنى اللغوى غير معلوم وكذا في عدة من الاخبار المسوقة بسياق الاية الا ان الظاهر شيوع اطلاقه على خصوص المعرفة بالاحكام الشرعية بعد شيوع الاسلام في اعصار الائمة غير ان استعماله في خصوص المعنى المشهور غير معلوم فقد يكون المراد به مطلق المعرفة بالاحكام الشرعية سواء كانت بطريق النظر أو الضرورة على وجه السماع من المعصوم أو غيره على سبيل الاجتهاد والتقليد كما في وقوله (ع) الفقه ثم المتجر فان الظاهر ان المراد به معرفة احكام التجارة ولو بطريق التقليد حتى ان اطلاقه على علومهم بالمسائل الفقهية غير بعيد واطلاق الفقهى على الكاظم (ع) معروف في كلام الروات وكان يطلق ايض في الصدر الاول على علم الاخرة ومعرفة دقايق افات النفوس ومفسدات الاعمال ومصلحاتها وقوة الاحاطة بحقادة الدنيا وشدة التطلع على نعيم الاخرة واستيلاء الخوف على القلب نص على ذلك بعض افاضل المتأخرين وقال ان اسم الفقه في العصر الاول انما كان يطلق على ذلك وجعل اية التفقه شاهدة وعليه ويظهر من كلام المحدثين بعض كون المعنى الاول من المعاني الشرعية ولذا ناقش في المقام في اخراج الضروريات عن الفقه بالمعنى المذكور قائلا بان الاجماع على بعض الاحكام من فرق الاسلام كلها لا يخرجها عن كونها مسألة فقهية بحسب اطلاق الشرع الا ترى ان كثيرا من الفرعيات مما قد انعقد اجماع المسلمين عليها مع انه دونت في الكتب وذكروا مدارك احكامها ونص بان الفقهاء لم يزعموا ان هذا الاصطلاح اخترعوه من عند انفسهم بل قالوا انه مفهوم من الاخبار وكلام الائمة الاطهار ومن تتبع كلامهم لم يختلجه شك ولا ريبة في ذلك وانت خبير بان ما ادعاه في المقام غير ظاهر اقصى الامر اطلاق الفقه في الكتاب والاخبار على العلم بالاحكام الشرعية في الجملة وبمجرد ذلك لا يثبت كون ذلك من المعاني الشرعية بل يمكن حمل عدة منها بل كلها على المعنى اللغوى ويكون اطلاقها على علم الشريعة من قبيل اطلاق الكلى على الفرد وليس في كلامهم ما يفيد كون ذلك معنى شرعيا ولا ادعوه في المقام كيف والتعبير عنه بالاصطلاح كما في الكتاب وساير تعبيرات الاصحاب شاهد على خلافه وقد احتمله المحدث المذكور في بعض رسائله وقطع به في مواضع اخر ونص على ان ذلك معنى جديد من المجتهدين قال واطلاقه المتكثر في الاخبار هو البصيرة في امر الدين وعلى هذا فلا وجه للمناقشة المذكورة اذلا مشاحة في الاصطلاح نعم قد انكر بعض الفضلاء المتأخرين كون المعنى المذكور من المعاني الاصطلاحية الطارية لئلا يحمل عليه اطلاق المشهور ونص على ان اطلاق (الفقه وص) التفقه على معرفة الاحكام عن ادلتها غير عزيز في الاخبار مشهور في صدر السابق وظ كلامه يومى إلى دعوى الحقيقة الشرعية فيه ثم انه ذكر اخبار كثيرة ذكر فيها لفظ الفقه والتفقه مستشهدا بها على ذلك وليس في شئ منها صراحة في ارادة خصوص المعنى المذكور بل المنساق من كثير منها هو المعرفة باحكام الدين كما اشرنا إليه ثم انه شدد النكير على جماعة من الاعلام حيث ادعوا ان اسم الفقه في الصدر السابق انما يطلق على علم الاخرة إلى اخر ما مر قلت ان اراد الجماعة انحصار اطلاقه المعروف في الصدر السابق في ذلك فالظاهر وهنه كما اشار إليه الفاضل المذكور وليس هناك قرينة على اطلاقه في اية التفقه على ذلك كما ادعاه بعضهم وان ارادوا انه كان اطلاقا معروفا في ذلك العصر في الجملة فليس ببعيد وفى غير واحد من الاخبار شهادة عليه كقوله لا يفقه العبد كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله تع وحتى يرى للقران وجوها كثيرة ثم يقبل على نفسه فيكون لها اشد مقتا وكيف كان فبثوت الحقيقة الشرعية في احد المعاني المذكورة غير معلوم حتى يتعين حمل اطلاق الكتاب والاخبار عليه بل واستعماله في خصوص المعنى المصطلح غير معلوم ايض نعم قد يستظهر اطلاقه عليه من بعض الروايات ثم انه بعد انتشار علم الفقه وتدوينه في الكتب في عصر الصادقين عن لا يبعد القول بحصول النقل في الجملة ثم انه قد فرج المحدث المتقدم على ما قد ذكره مسألة النذر والوصية فيما لو نذر أو اوصى لمن تكلم في مسألة فقهية فان قلنا بخروج الضروريات عن الفقه لم يثبت (ذلك) لمن تكلم في احدى تلك المسائل والا ثبت له ذلك وفيه ان الاطلاقات العرفية انما تنصرف إلى معانيها المتداولة في المحاورات الجارية ________________________________________