[ 43 ] والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن وما فيها من الالفاظ المبهمة وما يتعلق به من الاختصار، والحذف والاضمار، والتقديم والتأخير، والمجاز والحقيقة، فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر الى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من يفسر بالرأي، مثاله قوله تعالى: وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها، فالناظر الى ظاهر العربية ربما يظن ان المراد ان الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء والمعنى آية مبصرة، ثم لا يدري انهم إذا ظلموا أنفسهم أو غيرهم، ومن ذلك المنقول المنقلب كقوله تعالى: وطور سينين اي وطور سيناء، وكذلك باقي أجزاء البلاغة فكل مكتف في التفسير بظاهر العربية من غير استظهار بالنقل فهو مفسر برأية، فهذا هو المنهى عنه دون التفهم لاسرار المعاني، وظاهر ان العقل لا يكفى فيه وانما ينكشف للراسخين في العلم بقدر صفاء عقولهم وشدة استعدادهم له، وللطلب والفحص والتفهم وملاحظة الاسرار والعبر، ويكون لكل واحد منهم حد في الترقي الى درجة منه بعد الاشتراك في الظاهر، ومثاله ما فهم بعض العارفين من قوله (ص) في سجوده: أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصى ثناء عليك انت كما أثنيت على نفسك، أذ قيل له: اسجد واقترب، فوجد القرب في السجود فنظر الى الصفات فاستعاذ ببعضها من بعض فان الرضا والسخط وصفان متضادان ثم زاد قربه فاندرج القرب الاول فيه فرقى الى الذات فقال: اعوذ بك منك، ثم زاد قربه ________________________________________ = قوم دون أخرين وقد عدوا عليهم السلام جماعة من اصحابهم المتصفين بهذه الصفات من انفسهم كما قالوا: سلمان منا اهل البيت، فمن هذه صفته لا يبعد دخوله في الراسخين في العلم العالمين بالتأويل بل في قولهم: نحن الراسخون في العلم، كما دريت في المقدمة السابقة فلابد من تنزيل التفسير المنهى عنه على احد وجهين (فأخذ في بيان الوجهين فمن ارادهما فليطلبهما من هناك). وليعلم ايضا ان المصنف (ره) بحث عن هذا المطلب بحثا مبسوطا في المحجة البيضاء في أحياء الاحياء (انظر ج 2 من طبعة مكتبة الصدوق، ص 260 - 250). (*) ________________________________________