[ 37 ] ولما جاز للفاظل المذكور الاستدلال بالايات على النهي عن اتباع الظن وامثالها كما فعله، الى غير ذلك من المفاسد، وإذا ثبت هذا فنقول: اما اخبار المنع من تفسير القرآن بغير نص واثر فيجب حملها على المتشابهات منه دون المحكمات، وكذا الاخبار الدالة على تخصيص اهل الذكر عليهم السلام بعلمه دون غيرهم، فانها ايضا محمولة على المتشابهات منه، أو على علم الكتاب (1) وذلك لوجوه من العقل والنقل، منها ان الحكم اما نص وهو لا يحتمل الخلاف، واما ظاهر والحكيم في مقام البيان والتفهيم لا يتكلم بما يريد خلاف ظاهره، والا يلزم الاغراء بالجهل. ومنها قوله عز وجل: منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات (الى قوله) وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم (2) ففي تفسير علي بن ابراهيم باسناده عن الصادق عليه السلام (3) ان القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار، وفيه محكم ومتشابه فأما المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به، واما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وهو قول الله تعالى: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله (4) وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم، آل محمد عليهم السلام. ومنها قوله (ص): في حديث غدير خم (5). معاشر الناس تدبروا القرآن، وافهموا آياته، وانظروا في محكماته، ولا تنظروا في متشابهاته. ومنها قول أمير المؤمنين (ع) في العهد الذي كتبه للاشتر النخعي الى مصر (6): واردد الى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب و ________________________________________ 1 - أي كله. 2 - من آية 7 سورة آل عمران. 3 - نقله في المقدمة الرابعة من تفسيره الصافي عن تفسير العياشي. 4 - من آية 7 سورة آل عمران. 5 - قد ذكرنا فيما مر موضعه (راجع ص 27). 6 - انظر شرح ابن ابي الحديد ج 4 ص 128 من طبعة مصر، والفوائد المدنية ص 107. فليعلم ان المصنف (ره) قد اخذ غالب ما نقل في هذا الكتاب من الاحاديث من كتاب الفوائد المدنية كما يعلم بالتأمل في الكتابين لانه اكتفى بعين ما في الروايات من التلخيص وحذف الاول أو الاخر والاكتفاء من موضع الحاجة بما اكتفى به الامين الاسترابادي في الفوائد. (*) ________________________________________