نصّ حديث الظهر والبطن: لقد ورد لفظ الحديث تارة: بأنّ للقرآن ظهراً وبطناً[80]، وأخرى: بأنّ له ظاهراً وباطناً[81]، وثالثة بقوله: «ما في القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن»[82]. فمقتضى التعبيرين الأوّلين: أنّ للقرآن دلالة ظاهرة يفهمها القارئ النابه العارف باللغة، العالم بأساليب الكلام، وهناك أيضاً دلالة خفيّة خابئة وراء ستار اللفظ، إنّما يلمسها المتعمّقون الذين يتدبّرون القرآن ويسبرون أغواره. نعم، ليست هذه الدلالة الباطنة بالتي تعمّ جميع آي القرآن، إذ لا موضع لها في مثل آيات الاحكام، والتي كانت رسالتها هي ظاهر دلالتها ولا شيء سواه، كما في قوله تعالى: (وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ). وقوله: (وَأَقِيمُوا الْصَّلاَةَ وَآتُوا الْزَّكَاةَ). وقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ). وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ)إلى أمثالها من آيات كانت رسالتها الخالدة هي التي دلّ عليها ظاهر النصّ بجلاء.