لِلَّهِ وَلاَ الْمَلأَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً)[664]. وقد أنزل الله عليك هذا القرآن، وأعلمك بهذا السرّ يا محمد، ويسّره بلسانك، لتبلّغ به الذين صدّقوك ليزدادوا يقيناً، وتُنذر به كلّ من يقول عكس ذلك. ونلاحظ أنّ للسورة فضلاً في أنّها بيّنت السرّ الذي انكشف على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحقيقة قصّة المسيح، والحكمة التي من أجلها انتقلت النبوّة من البيت اليعقوبي إلى البيت الإسماعيلي. وبهذه الخاتمة في نهاية السورة، يتّضح لنا السرّ في أوّل السورة، بل ويتّضح معنى الرمز: كهيعص، وكأنّ نهاية السورة تشرح لنا ما عجم من رموز في بداية السورة، لتتعانق البداية مع النهاية، وتكون لنا بنياناً أدبيّاً رفيعاً لا مثيل له، وهو في الحقيقة معنى كلمة «سورة» في اللغة، فسورة تعني: بنيان. ونلاحظ أيضاً شيئاً هامّاً جداً في معنى الآية: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا) وهو ربما الحكمة التي تنزّل بها القرآن باللغة العربيّة، وعدم مجيئه مثلاً بلغة أخرى كتلك التي بدأت بها السورة الكريمة، وغيرها من السور التي تبدأ بالرمز. * * * سورة القلم: قوله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون). سبق أنّ هذه الكمات ليست حروفاً هجائيّة، بل كلمات من لغات مقدّسة أخرى غير العربيّة، فتكون «ن» بدورها مكوّنة من ثلاثة أحرف: نون، واو، نون. ولابدّ أن يكون لها معنى: