صاد: وتكتب هكذا: وتعني: يقول، يتكلّم، يحكي، حكاية، قصّة[657]. والمعنى العام لهذه الجملة: سنكشف لك النقاب عن سرٍّ من أسرارنا، منزل إليك من السماء، أي من عند الله، فانتبه! إليك القصّة الحقيقيّة (نحن نقصّ عليك القصص الحقّ). وتكون آية (ذكر رحمة ربك) واقعة في ابتداء الكلام، ولهذا فهي مرفوعة على أنّها مبتدأ، ويمكن أن تكون مبتداً مؤخّراً لما قيل سلفاً، ولهذا استحقّت الرفع والضمّة، تقع في آخر كلمة (ذكرُ). والسؤال الأهمّ من هذا وذاك هو: ماذا تضيف هذه المعلومة إلى تفسير الآيات في سورة مريم؟ فالله الحكيم سبحانه وتعالى لايمكن أن يعطينا رمزاً كهذا أو غيره ممّا ورد في باقي السور، إلاّ ويكون من ورائه حكمة بالغة تضفي على المعنى معانيَ وعبراً وتاريخاً، وأسراراً وعلوماً، ومن هذا المنطلق وبهذا المفهوم لنحاول الآن أن نجتهد ونفسّر سورة مريم في ضوء هذا القبس، لنرى ماذا أضافت المعلومة إلى تفسير السورة.. فالمعنى المقصود هنا القصّة الحقيقيّة لميلاد السيّد المسيح، وهو في الحقيقة المستحقّ لميراث النبوّة المدعوّة لسيّدنا إبراهيم في نسله، وإليك القصّة الحقيقيّة التي يكشف عنها النقاب هنا في سورة مريم: والقصّة من بدايتها تبدأ بزكريا (عليه السلام)، وهو أيضاً من النسل الطاهر، ولكنّه كان صاحب مشكلة لا تحلّ إلاّ بمعجزة إلهيّة.