ويقرب من هذا أن يضع المقنِّنون من البشر قوانين لإدارة المجتمع، لكنّها بمرور الزمان تواجه مشاكل في التنفيذ، ممّا يضطرّهم لتغييرها وإصلاح ما لم يناسب منها. والتعديلات الكلّية أو الجزئية للقوانين البشرية تنشأ من جهل البشر بمستقبله ومستقبل مجتمعه، أمّا التغييرات التي تحصل في الأحكام الإلهية فلا تنشأ عن جهل الله تعالى بالواقع، بل عن مصالح كانت تستدعي وضع أحكام خاصّة تصلح لزمن معيّن، ثم تبديلها بأُخرى في زمن آخر، وهو ما يُدعى بالنسخ، وهو عبارة عن الأمر بحكم ثم تغيير الحكم بعد فترة من الزمن. لكن الكلام في نسخ تلاوة بعض الآيات، فما هي الحكمة في نسخ قراءة مفردات وألفاظ خاصّة من القرآن؟ بل ماذا يعني نسخ التلاوة؟ هذا مع أنّ القرآن هو كلام الله عزّ وجلّ، وذو منشأ ربوبي، ونزل على النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم ينشأ من أيّ مصدر إنساني، ولا يصدق عليه إلاّ كلام الله، وإزالة صفة كونه كلام الله عن هذه الكلمات لا معنى له، ولا داع له يدعو إليه. فإذا أُريد من نسخ التلاوة إزالة صفة صدوره من الله فهو أمر محال; لأنّه لا ينقلب الشيء عمّا وقع عليه. وإذا أُريد من نسخ التلاوة سلب صفة القرآن عنها فيما بعد النسخ، أي: كان معنوناً بالقرآنية ثم سُلبت عنه هذه الصفة بعد النسخ، فهذا