رابعاً: إن التجديد يتطلب مفكراً مجتهداً منفتحاً على الحياة والواقع، ويدرك ضغوطاتهما ومشكلاتهما، ملماً بقضايا العصر وأفكاره وثقافته. وبكلمة واحدة: المفكر المجتهد المثقف، وإلاّ فالمجتهد المنغلق على الواقع والجامد على فهم الآخرين للنص، والبعيد عن ثقافات العصر ومتطلباته وتحدياته المتجددة والمتسارعة التي تفرضها الثورات المتكاملة في الاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا والطب والهندسة الوراثية والبايولوجيا والاقتصاد وحركة المال والسياسة الدولية وغيرها، فضلاً عن التحديات التي تفرضها أساليب ووسائل تطبيق الشريعة، بكل مجالاتها، هو شخص لا يمكنه الخوض في قضايا التجديد، لأنه سيعكس صورة سلبية منفِّرة عن الشريعة السمحاء والدين الحنيف. ومن هنا نرى أن الإمام الخميني وضع شروطاً جديدة للاجتهاد، أبرزها القابلية على تحديد حاجات المجتمع أو العصر وتحديد مصالح المجتمع وفهم الواقع. خامساً: إن فكرة القراءات المختلفة للدين والمبنية على منهجيات علمية مستوردة ، بعيدة عن ضوابط العقيدة وغريبة عن جنس الشريعة، كمنهجية الهرمنوطيقيا (التأويل تسامحاً) والاركولوجيا (الحفريات) والتاريخانية وهي فكرة اعتباطية وفضفاضة وغير دقيقة من الناحية العلمية. ونحن لا ننكر الاختلاف في فهم النص وفي فهم الموضوع وفي اعتماد القواعد الفقهية والاصولية وفي قبول الحديث وغيرها، ولكنه اختلاف مؤطر بالضوابط التي تفرضها الشريعة، أي للمنهجية الخاصة بكل علم من العلوم الإسلامية، كما أنه اختلاف بين المفكرين والمجتهدين، وليس بين كتّاب وصحافيين وعلماء اجتماع وفلاسفة ورجال سياسة. وبالتالي فالتعددية (بلوراليسم) لا توزِّع الحقيقة بنسب متوازنة على كل صاحب رأي، بل إن الحقيقة واحدة وثابتة، ويبقى أن المفكرين والمجتهدين يبذلون كل ما