فأما الأمن فالمفروض أنه متحقق أصلاً. فواجب الحكومة أن تكفل الأمن للمواطنين، ودعاة الإسلام فئة من المواطنين اختارت دين الله منهاجاً ودستوراً وأحبت أن تدعو الناس إلى الخير الذي يشتمل عليه هذا الدستور، وليس في اختيارها ما يخرج بها عن دائرة من يجب على الحكومة أن تكفل لهم الأمن. ومع توفر حسن النية المتبادل لا يبقى سبب يمكن أن يساق في تبرير حرمان دعاة الإسلام من الأمن. وأما أمن الحاكم على نفسه ونظامه من دعاة الإسلام، فقد ذكرنا من قبل أن الاغتيال السياسي ليس من الأساليب التي تنتهجها الحركة الإسلامية، كما أن فكرة الانقلاب غريبة على حسها، إذن هنالك أمن مبدئي للحاكم ونظامه، بالرغم من حوادث الاغتيال التي وقعت فعلاً، فتلك كانت ـ كما بينا ـ عمليات فردية استهدفت رد اعتداء على الإسلام نفسه، أو كان ذلك من أوهام القائمين بتلك العمليات، وعلى أي حال، فإن العمليات الفردية لا يحسب لها حساب في هذه المبادئ العامة. ولا يمكن ان يؤخذ قطاع من المواطنين بجريرة أفراد، لمجرد الاشتراك في الفكرة العامة والمبدأ، ثم إن إحساس كل من الطرفين بأن الآخر يبادله حسن النية أكبر ضمان لعدم تكرارها. وحرية العمل كذلك يفترض أن تكون متحققة، فنحن نفترض في أية حكومة تقوم في بلد إسلامي أن لا تعادي الإسلام، وأن لا تسعى إلى إخماد صوته، وطالما أن الحركة الإسلامية تجعل هدفها تبليغ دعوة الإسلام فإن المفروض ـ نظرياً ـ أن لا تحول الدولة بينها وبين هدفها هذا [نعم، إذا كان هدف الحركة الإسلامية هو الوعظ فقط فما الضرر منه؟] . وأما حرية الحاكم في العمل فإن الأصل إن للحاكم على الأُمة حق النصح، فالدين كما يقول رسول الله (ص): «هو: (النصيحة)» وعندما سئل «لمن؟»