مقدمـة العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب بدأت مع ولادة الإسلام. ومطالعة الآيات الأولى من سورة الروم توضح أن المسلمين ـ رغم قلة الاتصالات آنذاك ـ كانوا يراقبون الحوادث العالمية بكل قلق. وعلى الطرف الآخر كان المشركون أيضاً يراقبون. ولم تكن مسألة انتصار الفرس على الروم ـ كما يبدو ـ مسألة يمر بها المسلمون والمشركون بشكل عادي، فيفرح هذا ويحزن ذاك، وإنّما كان انتصار أي طرف يعني رجحان كفة الإيمان أو الشرك مما يكشف عن تصور الصراع على مستوى أوسع من الجغرافيا بلاريب. وهنا يبدأ التحدي والرهان ـ على ما تقوله بعض الروايات،([123]) ويتجلى صدق الوحي بأن الروم ـ وكانوا في معسكر الإيمان لأنهم من أهل الكتاب ـ بعد أن غلبهم الفرس المشركون سينتصرون في بضع سنين، وهذا ما حدث بإرادة الله تعالى. ولكن لا الروم ولا الفرس ما كانوا ليشعرون بما يخبىء لهم القدر من كيان سينطلق من رحم الصحراء ويكبر بعين الله وينقذ الأرض من وهدة الضياع. وربما سمعوا بذلك ولم يكترثوا حتى جاءتهم الأنباء بكبر هذا الوليد الصحراوي، ثم جاءتهم كتب الرسول الأكرم(ص) تطلب منهم الإسلام حتى يسلموا.