وليست هي ـ كما يزعم بليخانوف ـ ([45]) ثانوية دائماً. ذلك أن الفرد قد يكون سبباً لتغيير التاريخ فلو كان عالم ذرّي في ألمانيا النازية قد اكتشف سر الذرة قبل أن تكتشف بعدة شهور لاستطاع هتلر أن يقوض الديمقراطية والاشتراكية في أوروبا، ولو أن العلماء الروس لم يكتشفوا هذا السر لتدمر المعسكر الاشتراكي بكامله ولما أمكن للماركسية أن تنسب اكتشافه للوضع الاقتصادي وإلا فكيف اكتشفه نفر خاص دون باقي العلماء الكثيرين انه بلا ريب معلول للتركيب العضوي والشروط الذهنية. وهنا نقول كيف يمكن أن تكون قوانين تطور وسائل الإنتاج هي المتحكمة في التاريخ مع انه من الممكن أن توجد لحظات فردية تغير وجه التاريخ. الذوق الفني والماركسية: وهي ظاهرة اجتماعية عامة تفشل الماركسية في تفسيرها وإعطاء جواب اقتصادي على السؤال التالي: لماذا نمتلئ إحساساً وإعجاباً بروعة صورة أبدعها فنان؟ ولا يمكن هنا أن يقال أن الذوق تابع للمصالح الطبقية مثلا وإلا لزم افتراض تغيره بتغير الطبقة وتطور وسائل الإنتاج في حين نجد أن الفن القديم مازال يعجب الإنسانية في عصر الذرة كما كان يعجبها في عصر المحراث اليدوي وقبله. والواقع أن الذوق تابع لعنصر إنساني أصيل بعيد عن قيود المادية التاريخية. ماذا يقول ماركس؟ إنه يرى أن الإنسان يلتذ بروعة الفن القديم لأنه يمثل طفولة النوع البشري كما يلذ لكل إنسان أن يستعرض أحوال طفولته([46]) ولكنا نتساءل أولا عن سرور الإنسان بأحوال الطفولة وهل هو نزعة أصيلة أو تابعة للعامل الاقتصادي ثانياً لماذا يحس الإنسان باللذة عند تأمل فنون اليونان مثلا ولا يحس بها عند استعراض آرائهم ومفاهيمهم؟ مع أنها تمثل الطفولة البشرية أيضاً وثالثاً بماذا يفسر إعجاب الإنسانية بالمناظر الطبيعية الخلابة في كل عصر مع أنها ليست بما يمثل الطفولة البشرية؟