الأفكار الدينية، والفلسفية، والعلمية، والاجتماعية. وقبل كل شيء لنقرأ معاً ما كتبه انجلز في رسالته إلى فرانز مهرنج إذ قال: «إن الإيديولوجية عملية يقوم بها الفكر عن وعي وشعور من جانبه، ولكنه شعور باطل حقاً. فالبواعث الحقيقية التي تدفعه تظل غير معروفة له (أي للمفكر)». فهو يدعي هنا أن المفكرين جميعاً يجهلون الأسباب الحقيقية التي خلقت أفكارهم، فإذا كان هذا صحيحاً فكيف أتيح له أن يقدم للبشرية إيديولوجية جديدة يعلم أسبابها ودوافعها الحقيقية. ولندخل في التفاصيل فنناقش أولا: ـ قضية «الدين» ـ لما كانت الماركسية تنكر حقائق الوحي والنبوة والخالق، وتعتبر الدين نتاجاً فكرياً إنسانياً فقد عملت على أن تعطي للدين تفسيراً مادياً تاريخياً. وكانت الفكرة الشائعة في أوساط الماديين عن «الدين» تفسر نشوء الدين باعتبار أن الإنسان القديم كان يحس بالضعف أمام الطبيعة، وهذا الإحساس هو الذي دفعه لأن يتدين ظناً منه أن يخلصه من نقمة الطبيعة وقواها الهائلة. ولكن الماركسية رفضت هذا التفسير لأنه لا يربط الدين بالوضع الاقتصادي، فقال كونستانتيوف: «ولكن الماركسية اللينينية، قد حاربت مثل هذا المسخ (أي تفسير الماديين لنشوء الدين بالعجز) للمادية التاريخية، وأثبتت أنه ينبغي البحث عن منبع الأفكار: الاجتماعية والسياسية والحقوقية والدينية، في الاقتصاد قبل كل شيء»([34]). إذن ما هو السبب الأصيل للفكر الديني؟ يقول ماركس: «إن البؤس الديني، لهو التعبير عن البؤس الواقعي، والاحتجاج على هذا البؤس الواقعي في وقت معاً... إنه إفيون الشعب، إذن فنقد الدين هو الخطوة الأولى، لنقد هذا الوادي الغارق في الدموع».