كل شيء وعدم إمكان المعرفة الحقيقية لما يجري خارج الذهن من الحوادث والظواهر!! وهذا أمر يرفضه التحقيق الفلسفي الدقيق فضلا عن أنه مرفوض من قبل الماركسية نفسها. وهذا مورد من موارد تناقض الماركسية مع نفسها. فبينما يقول بولتزير «ولكن ما دمنا نعرف صفات هذا الواقع الموضوعي فلا يمكن أن يقال عنه أنه غير قابل للمعرفة»([31]) فالواقع الخارجي يمكن معرفته كما هو عليه، يقول تشاغين: «لقد ناضل لينين ضد النزعة الموضوعية في النظرية»([32]). ويقول موريس كزنفورت «كانت الفلسفة دوماً تعبر ـ ولا تستطيع إلاّ أن تعبر ـ عن وجهة نظر طبقية»، فالواقع الخارجي لا يمكن معرفته كما هو عليه بل المعرفة تابعة لمصلحة طبقة الفكر. ومعنى هذا أن تصبح الحقيقة هي: مطابقة الفكرة للمصالح الطبقية للمفكر، وإذا تغيرت طبقة المفكر تغيرت الحقيقة لديه. فالحقائق كلها نسبية، أي تتبع تصورات طبقة المفكرين ومصالحها، وليست هناك حقيقة موضوعية تتبع الواقع الموضوعي الخارجي. ولا يمكن اكتشاف الحقيقة كما هي ولا يمكننا أن نحكم على أية حقيقة بأنها مطابقة للواقع الخارجي. وهذا ينتج أمرين مهمين كلاهما مما لا ترضاه الماركسية: الأول: أن نشك في كل المعارف الإنسانية. الثاني: ويتفرّع على الأول وهو أن الماركسية لا يمكنها أن تدعي أن نظريتها هي حقيقة خارجية مطابقة للواقع، ذلك لأنها فكرة من الأفكار التي توجدها المصالح الطبقية في الذهن. هذا مجمل عن الحديث في المناقشة الفلسفية لرأي الماركسية في تطور الأفكار وتبعيته لنوعية الوضع الاقتصادي([33]). وأما على الصعيد التاريخي فإننا نحاول ملاحظة المظاهر الرئيسية للفكر الإنساني وهي: