فهم يفسرون الوضع الاجتماعي بحالة الأفكار، وحالة الأفكار بالوضع الاجتماعي.. وما دامت هذه المسألة بلا حل، فإن العلم لا ينفك عن الدوران في حلقة مفرغة، بإعلانه: إن (ب) سبب (أ) مع تعيينه (أ) كسبب لـ (ب)([20]). هـ ـ والحقيقة هي أن أفكار الإنسان ظاهرة من الظواهر الاجتماعية... فنحن إذن ـ نحتاج إلى سبب أعلى فوق الأوضاع والظواهر الاجتماعية، وهو الذي يعمل على تطور الجميع، إنه سر التاريخ وإنه ليس إلاّ وسائل الإنتاج أو الطبيعة يتعامل معها الإنسان منذ أقدم العصور. فإذا أردنا التخلص من الوقوع في الحلقة المفرغة (الدور) وجب علينا الإيمان بأن سبب التطور الاجتماعي كله هو نوعية وسائل الإنتاج. كان هذا عرضاً للدليل الفلسفي بأفضل صوره الممكنة، فهل يتم هذا الدليل؟ الجـواب: إننا هنا نركز على وسائل الإنتاج هذه ونسأل هذا السؤال: إن وسائل الإنتاج ليست جامدة بل هي متطورة بلاريب، فما هو السبب الأعمق الذي يطور القوى المنتجة تبعاً لمبدأ العلية؟ إن الماركسيين يحاولون الإجابة على ذلك بأن وسائل الإنتاج هي التي تطور نفسها. ولكن يعود السؤال: كيف يطور الشيء نفسه؟ إن الماركسية تجيب بأن القوى المنتجة عندما يتعامل معها الإنسان توجد وتنمي في ذهنه دائماً المعارف العلمية والأفكار التأملية، إذ أن الأفكار التأملية([21]) حاصلة من التجرية الطبيعية،