وفي لواحق المسألة تعرض الفقهاء إلى مسائل منها مسألة جواز السفر بالوديعة إذا خاف تلفها مع الإقامة ومسألة عدم براءة الذمّة إلاّ بردها إلى المودّع أو وكيله وغير ذلك مما لا مجال للتعرض له لأنه لا تأثير له في فهم حقيقة الوديعة. إلاّ انه يجب التعرض لمسألة واحدة وهي ما لو كان البناء منذ الأول على التصرف في الوديعة، وما هو حكم هذه المسألة إذا كان التصرف مهلكاً للعين المودعة. أما بالنسبة للتصرفات غير المتلفة للذات فانه لو كان ذلك برضا المالك فقد اختلفوا في انه عارية أو أنها إباحة التصرف لا بعوض. وان نوى التصرف في الوديعة منذ البدء دونما اتفاق مسبق فقد ذكر الفقيه الكبير النجفي في جواهر الكلام ان صاحب المسالك قال هنا: «ان لو نوى التصرف في الوديعة عند أخذها بحيث أخذها على هذا القصد كانت مضمونة عليه مطلقاً، لأنه لا يقبضها على وجه الأمانة بل على سبيل الخيانة، وفي تأثير استدامة النية في استدامة الأخذ كما تؤثر في ابتدائه وجهان: من ثبوت اليد في الموضعين مقروناً بالنية الموجب للضمان، ومن انه لم يحدث فعلا مع قصد الخيانة والشك في مجرد القصد في الضمان». وعلق عليه بوضوح الفرق بين العزم على الانتفاع مع بقاء القبض عن المالك وبينه مع نية كون القبض له ضرورة تحقق الغصب في الثاني دون الأول([126]). اما بالنسبة للتصرف المهلك كما في النقود فانه لو كان متفقاً عليه في العقد تحول العقد إلى عقد فرض لأنه يعني التملك بالضمان وهو حقيقة القرض. الودائع المصرفية وأقسامها: ونعود إلى الودائع المصرفية لنعرف تكييفها الفقهي على ضوء ما سبق: وهنا لابد من معرفة أقسام ما يسمى بالوديعة المصرفية لما لذلك من دخل في معرفة هذا التكييف.