الوديعة في الفقه الإسلامي: والحديث هنا مفصل نقتصر منه على موضع الحاجة وبكل إجمال. ويتم التركيز في البحث الفقهي للوديعة عادة على العقد وأخرى على موجبات الضمان وثالثة في توابع المسألة. أما بالنسبة للعقد فيقال انه لفظ ـ أو ما يقوم مقامه ـ يقتضي استنابة في الحفظ ولا خلاف في اعتبار إنشائية الربط بين القبول والإيجاب فليست من قبيل الإباحة التي لا يلحظ فيها الربط بين القصدين، وإذا استودع وقبل ذلك وجب عليه الحفظ ولو كان المودع مضطراً وجب على كل قادر عليها واثق بالحفظ قبولها ـ كفاية ـ وإلا فهي من العقود المستحبة في نفسها لما تشتمل عليه من التعاون، ولا يلزمه الدرك لو تلفت العين من غير تعد أو أخذت منه قهراً، لأنه أمين، وعموم (على اليد ما أخذت حتى تؤدى) مخصص بقاعدة عدم ضمان الأمين من غير تعد ولا تفريط وهي عقد جائز من طرفيه ـ بلا خلاف ـ كما انه يبطل بموت كل واحد منهما أو جنونه وحينئذ تكون العين في يد الودعي أمانة يجب ردّها إلى مالكها أو ولي أمره. وتحفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها بما في ذلك الإطعام للحيوان والسقي للنبات. وقد احتاط الفقهاء للوديعة فمنعوا حتى من بعض الأعمال التي يقوم بها الناس بالنسبة لحاجياتهم كحمل الوديعة معه إثناء خروجه من الدار وأمثال ذلك، ولو عين المالك موضعاً وجب الاقتصار عليه بل احتاط البعض بعدم تجويز نقلها حتى إلى الموضع الأكثر حفظاً. ولا تصح وديعة الطفل ولا المجنون لاعتبار الكمال في طرفي العقد إلاّ مع اذن الولي. وإذا ظهر للمودع إمارة الموت وجب الإشهاد بها. ويجب إعادة الوديعة إلى المودع مع المطالبة في أول أوقات الإمكان. وبالنسبة لموجبات الضمان ذكروا منها التفريط والتعدي بل ربما عبر عنهما بالتقصير وذلك لصدق الخيانة المقابلة للأمانة والايتمان المجعول في النصوص سبباً أو عنواناً لعدم الضمان وقد ذكر الفقهاء الكثير من المصاديق لهذا المفهوم.