وهنا أيضاً يوجد خلاف حول دفع المال في قبال الضمانات الاعتبارية التي تدعم قيمة العمل. فيرفض أهل السنة أي دفع للمال لأنه أكل للمال بالباطل أو لأنه أولى بالتحريم من الربا. والحقيقة: هي ان الأولوية غير معلومة فلعل تحريم الربا لإضراره الاقتصادية الكبرى في حين لا يؤدى اخذ المال في قبال الاعتبار إلى هذه الإضرار الكبرى. وليس أكلا للمال بالباطل لان خطاب الضمان مثلا يمنح المعاملة قدراً عظيماً من القيمة وله الفوائد الاقتصادية الجمة وقد تحير فقهاء مجمع الفقه الإسلامي عندما واجهوا الضرورة الاقتصادية من جهة ومقتضيات فقههم من جهة أُخرى. إلاّ ان فقهاءنا لا يمانعون في ذلك فالشهيد الصدر رحمه الله يجيز ذلك بلا حرج. رابعاً: بيع الدين بأقل منه: وإذا كان الفقه السني يتوقف في مسألة بيع الدين بأقل منه فان الفقهاء الشيعة يجيزونه. ولكن هناك روايتان تمنعان منه هما: 1ـ رواية محمد بن الفضيل قال قلت للرضا رجل اشترى ديناً على رجل ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له: ادفع إلي ما لفلان عليك فقد اشتريته منه قال (عليه السلام): يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين وبريء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه([117]). 2ـ رواية أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشتراه منه بعوض ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال: أعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه كيف يكون القضاء من ذلك؟ فقال أبا جعفر: يرد الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى به من الرجل الذي له الدين)([118]). هاتان الروايتان عمل بهما الشيخ الطوسي وتبعه آخرون إلاّ أنهما ضعيفتان لوجود محمد بن الفضيل وهو ضعيف غال، ولكن الشهيد الصدر عمل بهما أيضاً بمقتضى مذاقه الفقهي، والحقيقة أنهما لا تشكلان دليلا على المقصود ولا مانع من ذلك.