دور الحيازة في الثروات المنقولة والحيازة تختلف عن الصيد المجرّد في أحكامها. فإذا حاز طيراً ثم طار كان له الحق في استرجاعه لأنّ الحق له حق مباشر، إذ تؤدّي الحيازة إلى تملّك الطير وليست مرتبطة بفرصة خاصة في الطير ولكن على أي أساس يقوم هذا الحق المباشر رغم انه لم يتم على أساس فرصة جديدة؟ والجواب: أنّ مبرّر الحق المباشر هو حق الفرد بالانتفاع من الفرصة التي هيّأتها له الطبيعة بعناية الله تعالى. ويبقى مادامت الحيازة مستمرّة. وهكذا يمكن أن نصيف مبدأ جديداً هو أن ممارسة الفرد للانتفاع بثروة طبيعيّة تجعل له حقاً فيها مادام ينتفع بها. تعميم المبدأ النظري للحيازة ويعم هذا المبدأ المصادر الطبيعيّة أيضاً كزراعة الأرض العامرة. فإذا باشر بها وواصل الانتفاع بها لم يجز للآخرين مزاحمته مادام مستمرّاً، ويزول حقّه بمجرّد ترك الانتفاع بينما يبقى حق المحيي إلى المدة التي تبقى فيها الفرصة التي أوجدها في الأرض. تلخيص النتائج النظريّة يمكننا أن نستنتج مبدأين أساسيّين هما: الأول: العامل في ثروة طبيعيّة خام; يملك نتيجة عمله، وهي الفرصة العامة للانتفاع بتلك الثروة، وبالتبع له الحق في نفس المال، فإذا انعدمت الفرصة زال الحق. الثاني: إنّ ممارسة الانتفاع بأيّ ثروة طبيعيّة تمنح الفرد الممارس حقاً يمنع الآخرين من انتزاع الثروة منه مادام يواصل الاستفادة منها. وعلى أساس المبدأ الأول تقوم أحكام الإحياء والصيد، وعلى أساس الثاني تقوم أحكام الحيازة. فخلق فرصة جديدة في ثروة طبيعية، والانتفاع المستمر بثروة طبيعيّة متوفّرة هما المصدران الأساسيّان للحق الخاص في الثروات الطبيعيّة، وكلا الأمرين يشتركان في الصفة الاقتصادية ويبتعدان عن أعمال القوّة والاحتكار.