المحدودة في سبيل الوصول إلى حياة أبدية خالدة. والدين هو الإطار الوحيد والعامل الفريد القادر على القيام بهذا التوفيق الضروري إذ يؤمن الإنسان ـ في رحاب الدين ـ بأن له خالقاً أزلياً حكيماً غنياً على الإطلاق وقد حباه بنظام حياتي كامل ووعده بالنعيم الأبدي فيما إذا أخلص في تطبيق هذا النظام وضحى في سبيله بكل ما يملك من حول وقوة. وهذا الخالق قادر على تحقيق هذا الوعد وصادق فيما يقول. ومن هنا نعرف أن الدين حاجة فطرية للإنسانية لأن الفطرة المنطوية على هذا الدافع الذاتي الذي نبعت منه المشكلة لابد أن تنطوي على إمكانات لحل هذه المشكلة وليست تلك الإمكانات إلاّ غريزة التدين والاستعداد الطبيعي لربط الحياة بالدين المتمثل في الإيمان بالله وباليوم الآخر. قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)([77]) إذن: 1ـ الدين من شؤون الفطرة التي أوجدها الله ولا تبديل لخلقه. 2ـ وهذا الدين الفطري ليس إلاّ الدين الحنيف وهو دين التوحيد الخالص وهو وحده القادر على حل المشكلة وأما أديان الشرك فهي وليدة المشكلة([78]) فلا تستطيع معالجة المشكلة. 3ـ يتميز الدين الحنيف بكونه ديناً قيماً على الحياة قادراً على التحكم فيها وصياغتها في إطاره العام، أما الدين الذي لا يتولى إمامة الحياة فلا يستطيع أن يستجيب كاملا للحاجة الفطرية للدين ولا يمكنه معالجة المشكلة الأساسية. فلابد للحياة الاجتماعية من دين حنيف قيم يكون إطاراً للتنظيم الاجتماعي الكامل تجاوباً مع الفطرة المستبطنة لأساس المشكلة. والاقتصاد الإسلامي جزء من تنظيم اجتماعي شامل للحياة فلابد أن يكون إطاره نفس إطار التنظيم العام وهو الدين كما عرفت. كل ذلك للتوفيق بين الدوافع الذاتية الخاصة والمصالح الاجتماعية العامة.