والاعتقاد بان الملكية ليست حقاً ذاتياً وإنّما هي عملية استخلاف للإنسان على مال هو لله تعالى يشكل مفهوماً عن الملكية. وهذه المفاهيم يمكنها ان تساعدنا في اكتشاف المذهب. 6ـ ويلزم هنا ان نلتفت إلى منطقة الفراغ عند القيام بعملية الاكتشاف المذهبي; ذلك ان النظام الاقتصادي يشتمل على جانبين: احدهما مملوء بشكل منجز، والآخر متروك أمره للدولة الإسلامية، ومن هنا فقد طبق الرسول الأكرم (ص) الجانب الأول، وملأ الجانب الثاني باعتباره ولي الأمر، ورغم ان الأوامر التي تصدر على أساس من ولاية الأمر لا تعبر عن احكام ثابتة إلاّ أنها (أي أوامر الرسول العظيم (ص) في مجال ملء منطقة الفراغ) تلقى أضواء كاشفة على أساليب الملء لهذه المنطقة بما ينسجم وتحقيق الأهداف الاقتصادية العليا.([4]) 7ـ وقد ذكر المرحوم الشهيد ان الاحكام والمفاهيم لما كانت هي الباب الذي نلج فيه إلى الخطوط المذهبية ولما كانت النصوص الدينية في الغالب لا تعطينا هذه الاحكام والمفاهيم بشكل مباشر بل تحتاج إلى اجتهاد معقد لمعالجة تلك النصوص واكتشاف مضامينها. وعليه فان (الصورة التي نكونها عن المذهب الاقتصادي، لما كانت متوقفة على الاحكام والمفاهيم فهي انعكاس لاجتهاد معين... وما دامت... اجتهادية فليس من الحتم ان تكون هي الصورة الواقعية لان الخطأ في الاجتهاد ممكن. ولأجل ذلك كان من الممكن لمفكرين إسلاميين مختلفين ان يقدموا صوراً مختلفةً للمذهب الاقتصادي، تبعاً لاختلاف اجتهاداتهم، وتعتبر كل تلك الصور صوراً إسلامية للمذهب الاقتصادي لأنها تعبر عن ممارسة عملية الاجتهاد التي سمح بها الإسلام واقرّها وهكذا تكون الصورة إسلامية مادامت نتيجةً لاجتهاد جائز شرعاً)([5]). ونلاحظ هنا ان الاجتهاد يتم في مرحلتين: الأولى: مرحلة اكتشاف الحكم أو المفهوم من النصوص. والثانية: في مرحلة استنباط الخط المذهبي من مجموعة من الاحكام والمفاهيم المنسجمة في نظر المكتشف في مجال الكشف عن ذلك الخط.