ثروة المجتمع قادرة على إشباع كل الرغبات فلا تبقى حاجة إلى الاختصاص بشيء، ولا ندرة ولا تزاحم على السلع. وهكذا كانت النظرية الشيوعية من أبعد النظريات عن الواقع الإنساني وإلا فكيف يمكن تصور تحول الناس إلى منتجين بأقصى ما يمكنهم رغم عدم وجود دوافع ذاتية وأنانية في ظل التأميم، وكذلك كيف يمكن تصور أن الطبيعة سوف تكون في غاية السخاء بحيث تمنح كل ما يتطلبه الإنتاج الهائل من موارد ومعادن وأنهار. ولكون الشيوعية خيالية فقد عجزت الماركسية عن تطبيقها فاعترفت بفشلها. ذلك أن لينين أول الأمر اتجه اتجاهاً شيوعياً خالصاً ليشيع كل شيء بين المجموع فانتزع الأرض من أصحابها ووسائل الإنتاج الفردية من الفلاحين. ولكن الفلاحين تمردوا وأضربوا عن العمل والإنتاج وكانت المجاعة التي هزت البلاد فتراجعت الحكومة وردت للفلاح حق التملك. وفي سنة (1928ـ1930) حدث انقلاب آخر عمل على تحريم الملكية فاستأنف الفلاحون ثورتهم فقامت الحكومة بالتقتيل والاعتقالات ـ وقد قتل على ما قيل ـ مئة ألف شخص باعتراف الشيوعيين وأكثر من ذلك بتقدير أعدائهم. في حين مات سنة ملايين نسمة للمجاعة الناتجة عن الإضراب والقلق سنة (1932) إلى أن تراجعت الدولة فقررت منح الفلاح بعض الأرض وبعض الحيوانات وكوخاً على أن تبقى الملكية الأساسية للدولة وينضم الفلاح إلى جمعية (الكولخوز) الزراعية الاشتراكية تحت سلطة الدولة التي يمكنها أن تطرد أي عضو متى ما شاءت. أما الركن الثاني للشيوعية وهو (زوال الحكومة) فهو من أغرب الأمور ويقوم على أساس رأي (المادية التاريخية) القائل بأن الحكومة هي وليدة الصراع الطبقي. ومع ذلك فلا يبقى لها مجال في مجتمع لا طبقي ولنا هنا أن نتساءل: كيف يتم التحول الاجتماعي من الاشتراكية إلى الشيوعية أي من مجتمع الدولة إلى مجتمع اللادولة؟ وهل يتم بطريقة ثورية أو بشكل تدريجي حيث تضعف الحكومة وتذبل حتى تفنى من الوجود؟ فإذا كان التحول ثورياً آنياً أي تقوم الثورة ضد حكومة البروليتاريا فمن هي الطبقة الثائرة؟ إن الماركسية كانت تقول بأن الثورة الاجتماعية على حكومة تنبثق فقط من الطبقة التي لا تمثلها