حتى سنة 460 هـ حيث توفي الشيخ الطوسي. وعاشت فترات مدّ وجزر، ومراحل من تقلبات الدهر على امتداد القرون وللعلامة الطهراني صاحب كتاب «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» كلام حول تلك الحوزة في مقدمته على تفسير «التبيان» التي سماها (حياة شيخ الطائفة)، حيث احتمل وجود تلك الحوزة قبل هجرة الطوسي إلى النجف. ومهما كان الأمر، فلقد كان لتلك الحوزة ـ التي كانت كعبة الآمال لطلاب العلوم الدينية ومعارف أهل البيت عليهم السلام واحتضنت آلاف العلماء المحققين ـ تألّق ملحوظ من الناحية الكمية والنوعية آنذاك، أي: سنة 1320 هـ. بل لم يشهد النجف حتى ذلك العصر حلقة درس فيها ألف ومائتا طالب كالّتي كان يديرها آية الله الآخوند محمد كاظم الخراساني صاحب كتاب «كفاية الأصول». وما عدا درس الآخوند الخراساني الذي كان أكثر الدروس طلاباً، فقد كان هناك آية الله السيّد محمد كاظم اليزدي صاحب كتاب «العروة الوثقى»، وآية الله شيخ الشريعة الإصفهاني، وأمثالهما، حيث كانوا مشغولين بالتدريس. كان السيّد الأستاذ يوم ذاك ابن ثمان وعشرين سنة ومن شباب طلاب الآخوند. وبعد أيام من حضوره في الدرس، سجل إشكالاته وقدّمها إلى أستاذه في جلسة خاصة، فطرحها الأستاذ في الدرس وأجاب عليها. ومنذ ذلك الحين، أصبح ذلك التلميذ الشاب الجديد موضع اهتمام أستاذه، وذاع صيته بين الطلاّب. سمعتُ المرحوم آية الله السيّد هاشم نجف آبادي أحد العلماء