الترتيب المنطقي إذا عرفنا الأُمور السابقة أمكننا ان نوضح الترتيب المنطقي على النحو التالي: أولاً ـ مرحلة البحث عن الحكم الشرعي الواقعي عبر الأدلة الاجتهادية كالكتاب والسنة والإجماع. ثانياً ـ مرحلة البحث عن الحكم الشرعي المنزّل منزلة الواقع، في مثل دليل الاستصحاب وأصالة الصحة وقاعدة التجاوز. ثالثاً ـ مرحلة البحث عن الموقف العملي والوظيفة الشرعية عند غياب الواقع بكل مراتبه، كأدلة البراءة الشرعية، والاحتياط الشرعي. رابعاً ـ مرحلة البحث عن الموقف العملي كما يحدده العقل، كأدلّة البراءة العقلية ـ لو قلنا بها ـ أو التخيير أو الاحتياط. وهذا الترتيب إنّما يقوم على قوانين الحكومة والورود. فعندما يوجد دليل يكشف عن الواقع بنفسه فليس هناك مجال للرجوع إلى دليل الاستصحاب ـ مثلاً ـ الذي إنّما ينزل مؤداه بمنزلة الواقع الذي يفترض انه غائب وليس بغائب هنا. ومن الملاحظ أيضاً ان هذه المناطات في التقديم هي التي تقدم أدلة الاحكام الثانوية من قبيل (لا ضرر) و(لا حرج) على أدلة الاحكام الأولية، كالوضوء والصلاة والحج، كما تقدم أدلة الاحكام الولائية على أدلة الإباحة باعتبارها ناظرة إليها وقرينة عليها. وعلى هذا نستطيع ان نكتشف عدم الدقة في كثير من المناهج التي طرحت لعملية الاستدلال والتي بدأت مباشرة ببعض الأُصول العملية الشرعية، بل وربما بدأت مطلقا بالأصول العقلية، من قبيل بعض من استدلوا لاعتبار شرط الأعلمية في من يجوز تقليده بقاعدة (انه متى ما دار الأمر بين التعيين والتخيير فالمدار على التعيين)، ولما كان الأمر هنا يدور بين تعيين الأعلم والتخيير بينه وبين العالم فالمتعيّن هو لزوم تقليد الأعلم