ونحن إذ ندعو للوحدة الإسلامية لا نرمي إلى ان يتنازل أي فرد أو مذهب عن آرائه التي توصل إليها بقناعة واستدلال، لمجرد إرضاء الطرف الآخر. نعم يمكن تأجيل بعض الخلافات النظرية أو عدم التركيز على بعضها الآخر، لأنها قد لا تترك كبير اثر على الواقع القائم. وهذا ما أشار إليه في جوابه على الاتهام الموجه للشيعة بأنهم يرفضون خلافة الشيخين فقال بأنه لا يمكن إنكار واقع تاريخي (ولا ينكر استخلاف الشيخين (رضي الله عنهما) ذو شعور، ولا يرتاب فيه ذو وجدان، وقد امتدت إمارتهما من سنة 11 إلى سنة23 وفتحت بها الفتوحات، وضرب الدين بجرانه. على ان خلافتهما من الشؤون السياسية التي خرجت بانقضائها وتصرمها عن محل الابتلاء، فأي وجه لتنافر المسلمين اليوم بسببها وأي ثمرة عملية تترتب فعلا على الاعتقاد بها. فهلموا يا قومنا للنظر في سياستنا الحاضرة… وأي وجه لتكفير المسلمين بإنكار سياسة خالية وخلافة ماضية؟ وقد اجمع أهل القبلة على إنها ليست من أُصول الدين، وتصافقوا على إنها ليست مما بني الإسلام عليه) (ص207). وهي دعوة طرحها الإمام البروجردي (قدس سره) وبعض العلماء الآخرين كالمرحوم شمس الدين في ميثاقه الوحدوي. ([126]) وعلى أي حال فباب البحث الأكاديمي العلمي مفتوح في المجال العقائدي وكذلك في مجال التقويم التاريخي شريطة اتباع منهج الحوار القرآني. ولكن هذا لا يعني ان ننقل هذا إلى نزاع عملي نهينا عنه بشدة، وان يتحامل بعضنا على البعض الآخر وان نمزق صفنا الواحد، خصوصاً بعد ان تجمع علينا الأعداء من كل جانب، ووحدوا خططهم ـ رغم اختلافاتهم فيما بينهم ـ ولنعتبر بقوله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).([127])