شاسعة من أراضيهم... وغير ذلك، ولأجل مقاومة هذا الموج العارم، وإيجاد الحلول العملية الكفيلة بالتعاطي مع هذه الظروف المستحدثة، برزت الحاجة ماسةً إلى البحث والمناقشة والتأكيد على هذه المسألة. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في الربع الأخير من القرن الماضي، وما أحدثته من اهتزاز في ميزان القوى العالمية، وتغيّر في الخارطة السياسية في المنطقة، ثم إعلانها لمبدأ «ولاية الفقيه»، وطرحه كنظرية قابلة للتطبيق، انذهل العالم برمّته تجاه هذه المسألة، فزاد من اهتمامه نحو هذا «الملفّ»، فاكتسب خطورةً أكبر ممّا كان سابقاً، خاصةً بعد ما بدأت الصحف والمجلاّت الدورية تلهج به، ثم المقالات و «التوصيات» التي ظهرت تجاهه، كلّ ذلك جعله يكتسب حساسية مفرطة من قبل الآخرين، فضلا عن المسلمين أنفسهم. إنّ اهتمام علماء المسلمين وفقهائهم بهذا «الملفّ» أضحى مؤشّراً مذهلا، يدلّل على عمق توجّه علمائنا ومفكّرينا تجاه هذه المسألة التي تحمل أكثر من تفسير وتفصيل من جهة، ومن جهة أُخرى يفيد مدى المستوى الفكري والحضاري الذي بلغه علماء المسلمين، والذي يشير إلى مقدار التفاعل القائم بين الأُمّة والنخبة، بين العوام والخواص في عالمنا الذي لا يكاد ينتهي من مشكلة حتّى يقع في أخرى، وما أن ينجو من حرب مدمّرة حتّى ينغمس في أوحال أُخرى ! وفي ظلّ هذه الظروف المحيطة، وما أفرزته «العولمة» من معطيات خطيرة انعكست آثارها على الأوضاع الراهنة على أكثر من صعيد، وظهور آراء متباينة تجاه هذه المسألة، من مؤيّد، وآخر مخالف، وثالث متردّد، ورابع أطبق في صمته... كلّ ذلك جعل «الملفّ» يتّصف بالأهميّة والخطورة. وهذا الكتاب ـ الماثل بين أيدينا ـ يعدّ إحدى المحاولات الهامّة في هذا المضمار، الذي خطّته يراعة الأستاذ الألمعي آية الله الشيخ محمّد مهدي الآصفي، الذي أتحف المكتبة الإسلامية بعدّة كتب هادفة، اتّسمت بالموضوعية والكلمة