فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جُهَيْنة، فأنزل الله فيه هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلا بَعِيداً) الآية. (أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) يعني: المنافقين (وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ)يعني: اليهود (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ) يعني: إلى الكاهن[387]. وأخرج الثعلبي وابن أبي حاتم عن طريق ابن عباس (رضي الله عنه): «أنّ رجلاً من المنافقين يقال له: «بسر» خاصم يهودياً، فدعاه اليهودي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف..» والطاغوت على هذا: كعب بن الأشرف[388]. وبناءً عليه فإنّ «الطاغوت» من الطُغيان على الله ورسوله. يقول الآلوسي: «وإطلاقه عليه (أي على كعب بن الأشرف) حقيقةً، بمعنى: كثير الطُغيان»[389]. ويقول البروسوي في تفسير الآية: «(الطَّاغُوتِ) كعب بن الأشرف، سمِّي به لإفراطه في الطُغيان وعداوة الرسول، وفي معناه: ومن يحكم بالباطل، ويؤثر لأجله»[390]. وأخرج السيوطي عن طريق ابن عباس قال: «(الطَّاغُوتِ) رجل من اليهود يقال له: كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله والى الرسول ليحكم بينهم، قالوا: بل نحاكمهم إلى كعب، فذلك قوله: (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ)»[391].