ويفقد الحاكم ولايته وسيادته إذا استبدّ في الأمر، وتجاوز مصلحة الشعب، فإذا تجاوز إرادة الناس ومصالحهم فقد الشرعية ; طبقاً للأساس الثالث. وبذلك فإنّ الدولة تتحوّل إلى قوّة عظيمة تمثّل إرادة الشعب كلّه، وتدار الدولة بصورة مستمرّة بالرجوع إلى رأي الشعب عن طريق الهيئات النيابية التي تمثّل إرادة الناس، أو بالرجوع إلى الرأي العام، وتدوّن هذه النقاط بالتفصيل والتقنين في دستور الدولة. هذه خلاصة شديدة الإيجاز عن المذهب السياسي الذي يُعَدّ آخر ما أبدعه العقل الإنساني، بعد معاناة طويلة في حياة الإنسان السياسية. نقد نظرية العقد الاجتماعي يقول العالم الانكليزي هار ولد ج. لاسكي في كتابه «المدخل إلى السياسة»: «إنّ هذه النظرية تواجه عقبات من الصعب اجتيازها منها: 1 ـ إنّنا لا نعرف «عقداً اجتماعياً» أصيلاً وواضحاً بالمعنى الذي يذكره أصحاب هذه النظرية... 2 ـ إنّ الدولة لم تُصنَع صنعاً، وإنّما نمت كأيّة ظاهرة اجتماعية بالتدريج. 3 ـ لا يمكن إدارة شؤون الدولة برضا المواطن دائماً، وليست المشكلة فقط تكمن في وجود أقلّية غير راضية، نسعى في توجيه شرعية الدولة مع وجود هذه الأقليّة غير الراضية.. وإنّما المشكلة الحقيقية تكمن في عمل الدولة وفعلها عند ما تتّسع وتتعقّد وتتجاوز حدود المدينة والمدنيّين، فإنّه لا يمكن في هذه الحالة إدارة شؤون الدولة إلاّ بظهور وبروز «إرادة السلطة» والهيئة الحاكمة. ويتحدّث أصحاب النظرية في الغالب عن وجود عقد ضمني ورضا للمواطنين بصورة ضمنية في التعامل مع الدولة، ولكن من الصعب جداً أن يعتمد هذا الرضا الضمني في توجيه شرعية الدولة بالعقد الاجتماعي... فإنّ العقد والرضا مسألة نابعة