كثيرة لصياغة هذه النظرية، ورسا الإنسان إلى هذه النظرية في نهاية المطاف في تاريخه السياسي. وكان العالم الفرنسي «جان جاك روسو» آخر من طوّر هذه النظرية وهذّبها في كتابه «العقد الاجتماعي»... وهذا الكتاب مترجم إلى العربية، فلا يجد قرّاء العربية صعوبة للرجوع إلى هذا الكتاب لمعرفة المبنى العلمي الذي يطرحه «روسو» لتوجيه شرعية الطاعة. وخلاصة هذه النظرية التي يحملها كتاب «العقد الاجتماعي»: 1 ـ ليس لإنسان على إنسان سيادة، والقوّة لا تمنح للطرف القويّ حقّ الولاية والسيادة على الطرف الضعيف. 2 ـ لا يصحّ لأحد من الناس حقّ الولاية والسيادة على غيره، إلاّ بالاتفاق والتعاقد فيما بين الحاكمين والمحكومين على طريقة الحكم، وطريقة اتّخاذ القرار. وهذا «العقد الاجتماعي» هو الأداة الوحيدة التي تعطي للحكّام شرعية الحكم في النظام الديمقراطي. 3 ـ يبقى هذا العقد الاجتماعي نافذاً ما لم يخلّ أحد الأطراف بشروط التعهّد والتزاماته التي التزم بها في «العقد». 4 ـ لا يتصوّر أحد أنّ «العقد الاجتماعي» حدث تاريخي، حدث فيما بين الناس، في فترة من فترات التاريخ، تعاقد فيها الناس على إقامة حكومة نيابية منتخبة من قبل الناس، تمثّلهم في السيادة، وتتّخذ القرار، وتنفّذه بالنيابة عن الناس طبق ضوابط الدستور. لم يقع في التاريخ حدث تاريخي من هذا القبيل، وإنّما يتمّ هذا العقد بصورة ضمنية في كلّ نظام نيابي انتخابي بين الشعب والحكّام. وبذلك تكون الهيئة الحاكمة نائبةً عن الشعب في اتّخاذ القرار والتنفيذ ; طبقاً للأساس الثاني، حتّى لا يختلّ الأساس الأول، وهو نفي سيادة إنسان على آخر.