ومقتضى ذلك وحدة الإمرة والولاية في عصر الغيبة. وإذا لم يكن هذا الحدّ من التوضيح كافياً، نضطرّ إلى بسط الكلام في هذه النقاط بشكل أوسع، وإليك هذا البسط والتوضيح: أمّا المسألة الاُولى: فإنّ الله تعالى أمر المسلمين بطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجعل له الولاية العامّة الشاملة على المسلمين بلا إشكال ولا شكّ، وورد الأمر بذلك في أكثر من موضع من القرآن. ومن أصرح هذه الآيات وأوضحها قوله تعالى في سورة الأحزاب: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)[262]. وقد اختلف المفسّرون في أمر هذه الولاية وحدود دائرتها سعةً وضيقاً. وأقوى هذه الآراء وأوضحها: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له الولاية على المؤمنين في كل ما يرتبط بشؤون الولاية السياسية والحكم. والرأي الآخر لا يقيّد الولاية حسب هذا الرأي بشؤون الولاية السياسية والحكم، وإنّما يوسّعها ويطلقها في غير هذا الشأن من شؤون الإنسان. ومعنى الولاية في هذه الآية: أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى في هذه الاُمور على المؤمنين من أنفسهم، وإرادته (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها مقدمة وحاكمة على إرادتهم، وهو معنى قوله تعالى: (أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ). وحذف المتعلّق في كلمة (أولى) دليل على عموم الولاية وشمولها لكل الشؤون الداخلة في دائرة الولاية السياسية، وهو القدر المتيقّن من الأمر. وأمّا الكلام في مساحة هذه الولاية من المجتمع، فإنّ الجمع المحلّى باللام في كلمة (المؤمنين) إن لم يكن نصّاً في العموم فهو ظاهر فيه بلا كلام. وعليه، فإنّ الولاية النبوية تتضمّن نوعين من العموم والشمول: العموم في أبواب