وبينها «أكداس» من النصوص في الوسط، ثم تركونا ومضوا! ولم تنقض مدّة وجيزة حتّى أشرقت الحقيقة، وتكشّفت أوجهها أمام الناس، فاندلع الخلاف والنقاش بينهم: فثمة فريق اصطدم بالواقع، وأخذ يصفع خدّيه من هول ما ارتكبه، وفريق عانى الحرج والكلفة وهو يحاول الخروج من ورطته التي أقحم نفسه فيها، وفريق آخر ألجمه المشهد، فظلّ جامداً مكانه لايتحرك، لايدري ما هو فاعل، حيث يرى أكابر العلماء، وأعاظم المحدّثين، وأعلام المفسّرين، يروون فضائل محكمة السند والمتن، وآخرين يخوضون عبابها شرحاً وتبييناً، فأدهشه المشهد، فلم يجد بدّاً من أن يقفل فمه... ويرحل! ثم هنالك فريق آخر حاول أن لايجعل قبضته في الهواء، ونصب جهده للبحث عن الحقيقة بكلّ وعي وأمل، ويقف عندها بتأمّل، من دون أن يفكّر في القفز من فوقها! ربّما كان قصد «أولئك» أن يحموا تاريخ الإسلام من الانفراط، ويضيّقوا منافذه عليه، فلم يجدوا بدّاً من التشبّث ببعض «التفسيرات» قدر ما استطاعوا، رغم ما وجدوا فيه من الكلفة والإقحام. وهذه ربّما «إيجابية» نسجّلها لهم جملةً، ولكنّنا مع ذلك نأخذ عليهم أنّهم ظلموا الإسلام، وظلمونا نحن أيضاً! فقد ظلموا الإسلام حينما قدّموه إلى الناس على شكل «تفسيرات» و«فتاوى» مقدّسة ولو كانت مخالفة لنصوص كثيرة وصحيحة واردة عن الشارع المقدّس، ثم قولبت هذه «التفسيرات» المقحمة بصورة قوالب «صخرية» مختلفة الأحجام! وظلمونا أن ألصقوا فينا ماليس فينا،وقذفوا بنا بعيداً!! بل وظلموا أنفسهم بأن أقنعوها بأنّ الدين الإسلامي برمّته ـ تاريخاً ومنهاجاً وحضارةً ـ ما هو إلاَّ هدف، وليس وسيلة إلى الكمال، وأنّ الإنسان إنّما وجد للدين، وليس الدين هو الذي جاء من أجل الإنسان. وهذه هي الوثنية الجديدة! ذلك أنّ «الوثنية» ليس فقط عبادة الأوثان المنحوتة، وهي الصيغة «القديمة» لها،