بكنوزها فرشت الدنيا مواطئ قدميه. وعندئذ هتف، بنبرة هي البهجة والحبّ والحنان: «ولد لي الليلة، مع الصبح، مولود». فأيّ مولود! * * * ونفثت عطرها على الأرض الورود والرياحين، وهزج النسيم[210]، وغرّدت الطيور، ورقصت على موسيقا شَدْوها الغصون والأفنان[211]. ومن فوق أُولئك وهؤلاء: هلّل الملائكة، وزغردت[212] الحور. ففي ذلك اليوم المبارك من أيام الربيع، في شهر ربيع. مع أول لمعة من إشراقة النهار، مع أول شعاعة نور، مع أول أُغرودة لعصفور ... ولد «النور»، أقبل البشير النذير، انفصل عن جسد أُمه ليكون كما سوف يكون، لينير القلوب والعقول، ليهدي العالمين. وعندما نزل، واستقبل أول أنفاس حياته الدنيوية، تطلّعت إليه «آمنة» فإذا هو ساجد، وإذا سبّابتاه قد ارتفعتا نحو السماء كالمتضرّع المبتهل، وإذا الدنيا في كلّ رجأ وفجّ[213] تشرق أمام عينيها بفيض من نور، يمدّه نور، من ورائه نور ومن أمامه نور. وإذا القدرة الإلهية تعلن بآيات بيّنات عن مجيء الوليد المحمود ممّن في الأرض ومن في السماوات.