ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ... لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة ... أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتضافر أُمتك على هضمها، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال ... هذا ولم يطل بك العهد، ولم يخل منك الذكر، والسلام عليكما سلام مودّع لا قال ولا سئم ... فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين ...». وهكذا مضت قدّيسة القدّيسات عن هذا الكوكب. فإذا رحيلها ذاك رحيل خير نعمة مهداة، وإذا غيابها نهاية الأجل لآخر من بقي من ولد رسول الله على قيد الحياة. حدث هذا في أُمسية نابغية الألم، موصول همّها بهموم كلّ الليالي الليلاء التي تعاقبت على مدى الزمان. وكان الشهر: رمضان. واليوم: الثالث. والليلة: الثلاثاء. وانفضّ الجمع، وكان الوداع ... لكن بقيت الدموع. وطوي الكتاب!