الترحاب نفس الترحاب ، و الإعزاز نفس الإعزاز ، و ملمس أنفاسه وهو يقبّلها قبلته المألوفة ، كنفس الملمس لولا أنّها الآن قد امتزجت بعبير الجنّة! وبكلّ الإيمان والحنين والحبّ همست في أُذن الوجود: «صدق رسول الله». * * * ثم نشطت إلى اللقاء الموعود. هذه الضاوية التي أشفت بها ساعاتها الأخيرة على النهاية، بدت وكأنّما نهلت العافية من قدح غير منظور، أونشقت البرء من نفحة نسمة مباركة الغدوات والروحات. وتلفّتت تخاطب الإمام وهو رابض بجانب الفراش: «هل صنعت ما أردت؟». قال: «نعم». ـ «فهل أنت صانع ما آمرك به؟». ـ «نعم». قالت تستحلفه: «فإنّي أنشدك الله ألاّ يصلّيا على جنازتي، ولا يقوما على قبري». فغصّ حلقه بريقه، ونحّى[1620] عنها عينيه، ليخفي دمعةً بدرت، قد اجتمع فيها سهوم الأسى بحنان الرحمة. على شبابها الغضّ الذي انقصف عوده الأخضر، وما عاش بالدنيا إلاّ كمقدار عمر زهرة، كان أساه. ورثاء لصاحبيه أبي بكر وعمر، اللذين باءا بغضبها، كانت الرحمة.