ويستمر حديث أمير المؤمنين عمّا أفاء الله على النبي خالصاً من أرض بني النضير، فيقول: فكانت خالصةَّ لرسول الله ... والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها، وبثّها فيكم، حتّى بقي منها هذا المال ... فكان رسول الله ينفق منه على أهله نفقة سنتهم، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله. ويمضي عمر في قوله: فتوفّى الله نبيّه، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ... فقبضها، فعمل بما عمل به رسول الله ...ثم توفّى الله أبا بكر، فقلت: أنا وليُّ وليّ رسول الله ...فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، ثم جئتماني فدفعتها إليكما، لتعملا فيها بما عمل رسول الله، وأبو بكر، وعملت فيها أنا. ويتساءل: أفتلتمسان منّي قضاءً غير ذلك؟ ثم يقرّر: لا والذي بإذنه تقوم السماء والأرض! وكانت فاطمة ـ برواية عائشة كما نعلم ـ قد سألت أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله يعمل به إلاَّ عملت به. فلمّا خلفه عمر، دفع صدقة النبي بالمدينة وما كان قد بقي من فيء بني النضير إلى علي والعباس، أمّا خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله، كانتا لحقوقه التي تعروه، ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر. قيل: وكان ما فعله عمر أن فوّض النظر إلى علي والعباس في هذا الفيء، ثم اختلفا، بسبب إشاعة النظر بينهما، فسألاه أن يقسم بينهما النظر، فيجعل لكلّ واحد منهما نظر ما كان يستحقّه لو أنّ الأرض قسمت قسمة ميراث، لكنّه تحرّج أن يفعل، امتثالاً لحديث: «لا نورث، ما تركنا صدقة»، وظلّ النظر[1510] مشاركة، يعملان فيها به، إلى زمن عثمان بن عفان.