ربّما استناداً إلى فرائض المواريث التي تحدّد بالنقاط والأرقام حقوق الأخلاف في أموال الأسلاف، ربّما أخذاً بحديث «لا وصية لوارث»[1474] الذي يحجب عن الوَرَثَة حقّ الإيصاء. فإذا قيل: إنّما تصحّ وصية الوارث بإجازة الوَرَثَة جميعاً لها، فإنّا لم نعلم أنّ وَرَثَة فاطمة، وهم بنوها، عارضوا وصية أُمهم لأبيهم الإمام. أمّا القول بالنسخ، فإنّ الإجماع ـ إلاَّ نفراً ـ منعقد على أنّه ليس نسخ «ذات» الوصية، بل هو نسخ «فرضية» الوصية. ومن ثم فإنّ هذا الحديث أولى بأن يعتبر تقييداً لطلاقة الوصية لا نفياً لها، فلا وصية ـ على هذا الأساس ـ لوارث إلاَّ في ثُلث المال وإن وافق عليها الوارثون. ومع ذلك فقد ذكروا أيضاً: أنّ الوصية في القليل والكثير ممّا يقع عليه اسم المال. نُقل عن أبي جعفر أنّه سُئل: هل يجوز الوصية للوارث؟ فأجاب: «نعم، وتلا قوله سبحانه: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ...)[1475]». ذلك لأنّ ظاهر الآية الكريمة يفيد جواز إيصاء الموصي بكلّ ما يملك للموصى له. * * * آراء عدة في الوصية تنبثق من ذخائر التراث، وتتبدّى في ضوء العقل، وتنتشر على صفحات الاجتهاد، وقبسات حديثة وفكرية لا يعسر على المرء أن يتبيّن من خلالها أنّ حوائط «مخيريق» السبعة قد غدت لرسول الله، يفعل فيها ما يشاء. لهي هبة ... أو عطية ... أوهدية ... أو أيّما صورة أُخرى من صور «الأيلولة» التي تنقل إلى رسول الله حقّ التصرّف المطلق فيها، لأنّها تقع في نطاق ملكيّته الخالصة. وقد جعل الرسول هذه البساتين من صدقته، ثم أوقفها على خصوص الزهراء،