ثم لاغرو لو رأينا الإمام نفسه آخذاً بنهجها وإن قد طالما سمعناه يجابه ويصارح الأُلى نازعوه حقّه في ولاية الأمر بالرأي السافر، والكلمة المدوّية التي تكاد تنفجر من شدّة وقعها الأصماخ. قيل[1450]: سُئل مرّةً عن «فدك» ما حدودها، فكان جوابه فيما ذكر أصحاب الخبر: حدّ منها جبل أُحد، وحدّ منها عريش مصر، وحدّ منها دومة الجندل، وحدّ منها سيف البحر ... وتلك هي تخوم أرض الإسلام عند طرح السؤال. فكأنّه يرى أنّ فدكاً هي الدولة. كأنّه يقول: «الإمرة!». وقيل أيضاً: عرض الرشيد على الإمام الكاظم أن يأخذ فدكاً، مردودة عليه وعلى ولد فاطمة، إذ حقّهم فيها لا شُبهة فيه. فقال الكاظم: «ما آخذها إلاَّ بحدودها». ـ نعم. ـ «لئن أعلمتك لن تقبل!». قال الرشيد: وما حدودها؟ قال الكاظم: «الحدّ الأول: عدن، والحدّ الثاني: سمرقند، والحدّ الثالث: أفريقية، والحدّ الرابع: سيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينية». فهال الأمر الرشيد، فقال: فلم يبق لنا شيء! قال الكاظم: «قد أعلمتك أنّي إن حددتها لم تردّها!»[1451].