وتعرج رامزةً إلى موقفهم من علي: « ... فلمّا اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ... أطلع الشيطان رأسه هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً ... فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والرسول لما يُقبر! ...». لكنّها في مرّة أُخرى لا تورّي. إنّما تميط اللثام عمّا تومئ، إليه فتفصح عن «البيعة» بعد تلغيز، وعن «الإمام» بعد ترميز. تقول: «ويحهم! أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة! والطيبين بأُمور الدنيا والدين! ...». وتتساءل في استنكار: «وما الذي نقموا من أبي الحسن؟». ثم تجيب وإن كان السامع بغير حاجة إلى جواب: «نقموا منه ـ والله ـ نكير سيفه، وقلّة مبالاته بحتفه ... وتنمّره في ذات الله ... وتالله، لو مالوا عن المحجّة اللائحة لردّهم إليها، ولأوردهم منهلاً نميراً، ولأصدرهم بطاناً، ونصح لهم سرّاً وإعلاناً ...». وتلت: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَات مِنَ السَّماءِ وَالاَْرْضِ)[1449]. * * * مع استشاطه النزاع، واحتدام الجدال، نحت النِحْلة نحو الرمزية، كالشأن في كلّ مطالب ممنوع، ورأي مكبوت ... هذه طبيعة الأُمور. وإذا كانت فاطمة قد اتّجهت في أحاديثها هذا الاتّجاه، وهي أمام المانع والكابت، فأجر بمن تبعوها من نصير أن يتعلّقوا بالترميز.