تشكّل إضافة جديدة إلى تأبّي خليفة رسول الله على الإقرار بحقّ ابنة رسول الله في نحلة أبيها ولا تنفيه. فلقد رسمت لنا الوقائع الجارية أبا بكر في صورة من لا يكاد يقبل النحلة عامةً، كمبدأ من مبادئ انتقال المال من الأسلاف إلى الأخلاف. وله رأيه، على أيّ حال. فربّما كان لنظره هذا أسباب، ربّما كانت لديه معاذير، ربّما آثر الأخذ في انتقال المال من الآباء إلى الأبناء، بالقاعدة الأصيلة العريضة وهي «التوريث». ولا سبيل هنا إلى الإدلاء في مسلكه برأي محسوم، بل السبيل هو التشيم من خلال حساب الافتراضات والاحتمالات ... والتكهنّ وسيلة ظنّية تقديرية قد تخطئ وقد تصيب. ومع ذلك فإنّها محاولة فكرية، قد يتيسّر بها لناشد الحقيقة النظر إلى الأُمور من وراء مثل مجهر يوسّع المساحة، ويكبّر الدقائق، ويكشف عن مجاهيل عسى أن يعثر فيها على ما يجدي ويفيد. ولعلّ ممّا يهوّن على المرء الاستقراء أنّ ثمّة صورة تحفظها لنا المرويّات، وتكاد تكون مرآة تعكس فكر أبي بكر، وتبيّن اتّجاهه المؤثر للميراث على النحلة من حيث هما قاعدتان للامتلاك. تقول الرواية: وكان أبو بكر قد «وهب» لعائشة أرضاً بالعالية، كان النبي أعطاه إيّاها ... فأصلحها، وغرس فيها، ثم جعلها لابنته أُمّ المؤمنين. فلمّا حضر وعائشة تمرضه، جلس فتشهّد، ثم قال: يا بنيّة! إنّ أحبّ الناس غنىً إليَّ بعدي أنت، وإنّ أعزّ الناس فقراً عليَّ بعدي أنت، وإنّي كنت نحلتك أرضي التي تعلمين، وأنا أحبّ أن تردّيها عليَّ فيكون ذلك قسمةً بين ولدي على كتاب الله، فإنما