وإذا كانت القوانين الوضعية ما زالت تحكم; استناداً إلى شهادة الواحد مع اليمين، ما اطمأنّت نفس الحاكم إلى صدق الشاهد، فلقد سبق الأخذ في الإسلام بالشهادة المفردة. وثمّة أمامنا قصّة خُزَيْمة بن ثابت دليل. قيل: اشترى النبي فرساً من أعرابي، فلمّا جاء ليقبضه الثمن المتّفق عليه أنكر صاحب الفرس، إذ دفعه طمعه إلى إيثار آخر بها زاده في ثمنها، فقال له الرسول: «أليس قد ابتعته منك؟». ـ لا. فشهد خزيمة بن ثابت لرسول الله، ولم يكن قد شهد البيع. فسأل الرسول خزيمة «بِمَ شهدت يا خُزَيْمة ولم تحضر البيع؟». قال: بتصديقك يا رسول الله، إنّا صدّقناك بخبر السماء، أفلا نصدّقك بما تقول؟[1362]. فأقرّ النبي شهادته المفردة، وجعلها بشهادة رجلين. ومنذئذ أُلحق باسم خُزَيْمة لقب «ذي الشهادتين». كذلك ورد في الآثار: أنّ رسول الله وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقضون بشهادة الواحد مع اليمين. بل كان من حقّ الحاكم أن يحكم بعلمه، فيقضي للمدّعي بسند دعواه بلا بيّنة ولا شهادة، لأنّ العلم أقوى من البيّنة والشهادة. ذكروا: أنّه لمّا جاء مال البحرين بعد وفاة النبي، أمر خليفة رسول الله فنودي في