جماعة المسلمين في قلّة نفر غير ذات قوة إلاَّ الإيمان، يقودهم النبي وأمامه رايتان سوداوان ... وجماعة أهل الشرك في كثرة أعداد ووفرة عتاد، وكماة وفرسان، يقودهم من قريش صناديدها ذوو الأثالة[1101] في الحَسَب، والأيد في الطعان. ودارت الرحى ... وحمى الدروان. فلمّا انجلى النقع[1102]، دخل المدينة صاحبا رسول الله: عبدالله بن رواحة[1103]، وزيد بن حارثة، على ظهر ناقة الرسول، وانكفأ[1104] لون الطغام[1105] الأوغاد من المنافقين واليهود، على غير ما منوا الأنفس خذلتهم النتيجة التي ظلّوا يشعلون لها الشموع ويوقدون القناديل! لكنّهم ـ جرياً وراء الأوهام ـ أشاعوا في البلدة أنّ محمداً قد قُتل، وتساقط رجاله مجندلين[1106]. وسرت شائعتهم في الناس سريان اللهب في هشيم[1107]، وأُخذ من حسرة أهل الإسلام. وكيف لا يُؤخَذون وقد سرت تلكم الشائعة فملكتهم، وثبتت في أخلادهم ثبوت حقيقة متبلّجة[1108]، يوشك ألاَّ ينكرها منهم إنسان؟