وما آمن، ولا خالط قلبه الإسلام؟ إنّها قدرة الله تسخّر لدينه حماةً وجنوداً يدافعون عنه، ويحاربون معركته، وهم لهم عدوّ ... تماماً كما تسخّر من الأولياء. حكمة من لدن حكيم عليم. وموقف كريم من رجل كريم. فعلى الرغم من أنّ المطعم مات وهو على الشرك، فإنّ النبي لم ينس له حسن صنيعه ذاك، وظلّ يذكره بالتقدير. قيل: وفد جبير بن مطعم بعد بضع سنين على رسول الله، فحدّثه في بعض أُسارى المشركين، يرجون أن يعفو عنهم، ويردّهم أحراراً طُلقاء، فما أن سمع الرسول هذا الحديث حتّى استعاد ذهنه ما أسداه إليه الراحل من منّة طيّبة، ما بسطه له من جواره العزيز الحريز، وأخذته الرقّة للذكر، فقال لراجيه: «لو كان الشيخ أبوك حيّاً فأتانا فيهم، لشفّعناه فيهم»[724]. وفاء! خلق عظيم! * * * الإسراء وانجلت عن أهل الإسلام الغمّة انجلاء الغيم عن صفحة السماء الزرقاء، إذ عاد إليهم نبيّهم سالماً من محنة ثقيف، لقد كان ما قاساه رسول الله على أيدي أهل الطائف هو العذاب البئيس الذي يشقّ على أي امرئ سواه في الناس. لكنّ سلوكه إبّان هذه المعاناة ـ التي امتدّ عمرها أربعين يوماً متّصلة، كلّ يوم من أيامها