وهل أدلّ على نذالته من عدوانه بالضرب على الزهراء، وإنّها عندئذ طفلة لمن تشبّ عن الطوق، رأسها لا تكاد تبلغ ركبته! كأنّما رأى أخذها بجريرة أبيها إن كانت الهداية إلى النور يحقّ أن تُحسب في الجرائر والأوزار. كانت الصغيرة تمرّ به ذات يوم، فإذا هو يبادر بالإساءة إلى محمد فيها، فيرمقها رمقة ضغن، ثم يخفّ إليها بلطمة قوية كادت أن ترمي بها على الأرض، وتسفّ التراب. وبكت من ألم، كمن شعور بالضيم، وكما يفعل غيرها من الصغار في مثل هذا الموقف، مضت من فورها إلى الكفيل بردّ المظالم، ليأخذ حقّها من العادي الظالم. قيل: وكان أبو سفيان ه صاحب الحكم في قريش، وشكت إليه ... وأحسّ الشيخ غضباً نحو رفيقه العتلّ الجهول، الذي خرق بفعلته الشنعاء كلّ نواميس المروءة، وأخذ بيد الطفلة الباكية إلى حيث جلس أبو جهل، فدفعها نحوه وقال: الطميه، قبّحه الله! فلطمته وهو واجم خزيان. قيل: وذكرت لأبيها ما حدث، فقال: «اللّهم لا تنسها لأبي سفيان». ولعلّ الله استجاب لدعوة نبيّه الكريم، فأسلم أخيراً سيّد الأمويّين وإن ظلّ على كفره بضع سنين.