وجبالٌ شوامخٌ راسيات *** وعيونٌ مياههُنّ غِزارُ ونجومٌ تَلوحُ في ظلم الليل *** نَراها في كلّ يوم تُدارُ[461] والذي قد ذكرت دلّ على الله نفوساً لها هدىً واعتبار. وقد روى الرواة عنه أنّه رُئي مرّةً في ظلّ شجرة، وبيده قضيب من أراك ينكت به في الأرض، قرب قبر، ويقول: يا ناعِيَ الموتِ والملحودِ في جَدَث *** عَليهم من بَقَايا بزّهِم خِرَقُ دَعهم فإنَّ لَهُم يَوماً يُصاحُ بهم *** فَهُم إذا انتبَهوا من نَومِهِم فَرقُوا حتّى يعُودوا لحال غَيرِ حالِهم *** خَلقاً جديداً كما مِن قبلِهِ خُلقُوا[462] كان قُس هاجراً للأوثان، يعرف الله، ويوحّد ذاته، ويؤمن بالبعث والحساب. وما أكثر ما كانت له في هذا المجال أقوال جرت على الألسنة مجرى الأمثال! ولم يكن يكتم ما يعرف، بل كان ينشره على الملأ في المحافل والندوات والأسواق حتّى لأوشك أن يبدو وكأنّه موكول بنشر الإيمان. أُثر أنَّ رسول الله سأل عنه إذ افتقده في جماعة من عبدالقيس أقبلت عليه، فقيل له: هلك. فقال عليه الصلاة والسلام: «ما أنساه بعكاظ[463] على جمل أحمر، وهو يقول..»[464]. واستعان صحبه استعادة ما تحدّث به شاعر إياد آنذاك، فإذا أكثرهم لحديثه هذا حافظون واعون.