السابع الهجري من مدينة «ينبع» حتّى أنّ المصريّين بلغوا من حرصهم على تلك المخلّفات ـ كما تقول الدكتورة سعاد ماهر ـ أنّهم جعلوا من بين وظائف الدولة المهمة: وظيفة «شيخ الآثار النبوية». بنوا لها رباطاً; أي حصناً من الحصون العسكرية، أو قلعةً ليحفظوها بها، ولم تذهب الآثار النبوية إلى تلك الغرفة المباركة في المشهد الحسيني إلاّ في موكب هائل، وحراسة مشدّدة من مكانها في «سراي عابدين» في عام 1305 هـ ، وهذا الموكب اعتبره البعض من المواكب المشهورة في تاريخ مصر الحديث[81]. * * * والذين لم يقتنعوا، وما زالوا يتساءلون أيضاً: لماذا آل بيت النبي صلوات الله وسلامه عليه في مصر؟ أقول: معهم الحقّ; لأنّهم لا يعرفون أنّ مصر لم تكن بعيدة عن مكة والمدينة في يوم من الأيام، ولا بعيدة أيضاً عن تلك الفتنة التي قامت بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب، حيث قتله أبو لؤلؤة المجوسي في عام 23 هـ . وهذه الفتنة هي التي مهّدت «للفتنة الكبرى» كما يسمّيها طه حسين. ومنشأ هذا كان من مصر أيضاً. لقد كانت الفتنة التي أدّت إلى مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان من مصر! وأذكى نيرانها صحابي قديم، اشتهر ـ كما يقول صحيح مسلم ـ بأنّه أول من حيّا النبي (صلى الله عليه وآله)بتحية الإسلام[82]، وبأنّه رابع ـ أو خامس على رواية الطبراني[83] ـ من اعتنق دين الإسلام[84]، واشتهر بالورع والتقوى، وكان من أئمة الحديث، وقصد به «أبو ذرّ الغفاري».