رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أمسك عليك زوجك». فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم، وكان يأتي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخبره، فيقول له: «أمسك عليك زوجك»، ففارقها زيد واعتزلها وحلّت. قال: فبينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس يتحدّث مع عائشة أخذته غشية، فسري وهو يتبسّم، ويقول: «مَن يذهب إلى زينب يبشّرها أنّ الله قد زوّجنيها في السماء» وتلا: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) ]الأحزاب: 37[. قالت عائشة: فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها، وما هو أعظم من هذا مفاخرتها علينا بما صنع لها، زوّجها الله من السماء، فخرجت سلمى خادمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثتها بذلك، فأعطتها أوضاحاً عليها. وبالإسناد المرفوع إلى ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لمّا أُخبرت زينب بتزويج رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها سجدت. وعن محمد بن عبدالله بن جحش، قال: قالت زينب بنت جحش: لمّا جاءني الرسول بتزويج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إيّاي جعلت لله عليّ صوم شهرين، فلمّا دخل عليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كنت لا أقدر أصومهما في حضر ولا سفر تصيبني فيه القرعة، فلمّا أصابتني في المقام صمتهما. وعن ثابت بن أنس قال: نزلت في زينب بنت جحش: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا) ]الأحزاب: 37[ فكانت لذلك تفتخر على نساء النبي (صلى الله عليه وآله). وعن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش امرأةً قصيرةً، صنَّاعة اليد، تدبغ وتخرز، وتتصدّق في سبيل الله. وعن الشعبي قال: سأل النسوة رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّنا أسرع بك لحوقاً؟ قال: «أطولكنّ يداً» فلمّا توفِّيت زينب علمن أنّها كانت أطولهنّ يداً في الخير والصدقة. ماتت زينب بنت جحش في خلافة عمر بن الخطاب، وصلّى عليها عمر، وقالوا له: من ينزل في قبرها؟ قال: من كان يدخل عليها في حياتها.