بن عبدالملك وبين الإمام زيد. فقد حدث أن اجتمع الخليفة بالإمام زيد، فقال له هشام: بلغني أنّك تريد الخلافة، وأنت لاتصلح لها; لأنّ أُمك أُم ولد! فردّ عليه زيد قائلاً: كان لنبي الله إبراهيم ولدان، أحدهما: إسماعيل من هاجر، وهي أمة، أي: مملوكة، وإسحاق من حرّة، وهي سارة، فأخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد آدم، وهو جدّنا محمد (صلى الله عليه وآله). فقال له هشام: قم. فقال زيد بن علي زين العابدين: إذن لاتراني إلاّ حيث تكره![602]. رحم الله الإمام زيد بن علي زين العابدين، فقد لاقى مثل ما لاقاه جدّه الإمام الحسين، وجدّه الأعلى الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام). وكان هذا الإمام العابد ـ ومنه ما أكّده عبدالرحمن الشرقاوي في كتابه عن الأئمة ـ يدعو دائماً إلى إعمال العقل، فالعقل وحده هو الذي يحكم على الأفعال بالحسن أو بالقبح، وكان الحكّام آنذاك يحاولون أن يخنقوا الفكر والرأي، وأن يعطّلوا العلم والعقل; ليفرضوا على الأمة قبول ما يفعلون. وبقدر ما كانت الأمة تحتقر صنّاع الزيف من أشباه الفقهاء، كانت تكبِّر كبار الفقهاء والعلماء الشرفاء، والمفكّرين الأحرار; لذلك كان الخليفة هشام بن عبدالملك بن مروان وعمّاله على الأمصار يتربّصون بهؤلاء الشرفاء.. وقد خافوا ذلك وابتعدوا عن السياسة.. ولكن الإمام زيد بن علي زين العابدين، قد سلك طريقاً آخر.. طريق البحث عن الحقيقة.. وأعلن أنّه لايحقّ لمسلم أن يقبل هديةً أو عطاءً من حاكم ما لم يكن عادلاً يحقّق مصالح الأمة... ثم أذن في الناس بأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي، وأصل من أصول الدين... كما كان يصرّح في مجالسه