وبلغ ابن الضحّاك الخبر فهرب إلى الشام، فلجأ إلى مسلمة بن عبدالملك، فاستوهبه من يزيد فلم يفعل، وقال: قد صنع ما صنع وأدعه؟!! فردّه إلى النصري إلى المدينة، فأغرمه أربعين ألف دينار، وعذّبه، وطاف به في جُبة من صوف. وهذا جزاء من استعلى وتكبّر، وافترى وتبختر على الصالحات التقيّات، نساء آل البيت رضي الله عنهنّ أجمعين. وقد كان لها كثير من الحكم والمواعظ، فمن كلامها: «ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئاً، ولا أدركوا من لذّاتهم شيئاً، إلاّ وقد ناله أهل المروءات، فاستتروا بجميل ستر الله». ووقع ذكرها في صحيح البخاري، في كتاب الجنائز، قال البخاري (رحمه الله): لمّا مات الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم، ضربت امرأته القبّة ـ الخيمة ـ على قبره سنة، ثم رُفعت، فسمعوا صائحاً يقول: ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا[453]. قال ابن المنير: إنّما ضربت الخيمة هناك للاستمتاع بالميّت بالقرب منه; تعليلاً للنفس، وتخييلاً باستصحاب المألوف من الأنس، ومكابرة للحسّ، كما يتعلّل بالوقوف على الأطلال البالية، ومخاطبة المنازل الخالية، فجاءتهم الموعظة على لسان الهاتفين بتقبيح ما صنعوا، وكأنّهما من الملائكة، أو من مؤمني الجنّ. وإنّما ذكره البخاري لموافقته للأدلّة الشرعية. ولعلّ من أشدّ المواقف تأثيراً في حياة فاطمة بنت الحسين: موقف مقتل والدها في أرض كربلاء شهيداً.